يحاول الأميركيون الظهور كمنقذ لوكالة “الأونروا”. أوقفت إدارة دونالد ترامب، تمويلها للوكالة فأعادته إدارة جو بايدن.
يشكل التمويل الأميركي 30% من الموازنة العامة لـ”الاونروا”، في وقت تعاني فيها الوكالة الأممية من عجز مالي يقدر بـ 120 مليون دولار.
وفي مقابل الـ30%، وقعت “الأونروا” والولايات المتحدة، في يوليو/تموز الماضي، “اتفاق إطار” استأنفت بموجبه واشنطن الدعم المالي.
لم ينشر نص الاتفاق رسمياً، وهنا السؤال الأساسي: لماذا إخفاء البنود؟ وبحسب تسريبات للمكتب التنفيذي للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن أخطر بنوده “وقف مساعدة الوكالة عن كل لاجئ ينتمي لجيش التحرير الفلسطيني أو أي منظمة من فئات العصابات ومن يشارك في عمل إرهابي”. تحول المناضلون الفلسطينيون الى إرهابيين والفصائل الثورية الى عصابات إجرامية.
هذا هو التضليل والتزييف، فأي ناشط يشارك في فاعليات مناهضة للاحتلال يُحرم من خدمات الوكالة والتوظيف فيها. وهذا ما واجهه 22 موظفاً في غزة يعملون في “الاونروا”، بعد اتهام تقدمت به منظمة “يو إن ووتش” (UN WATCH) الداعمة لإسرائيل ادعت فيه أنهم يخترقون “مبادئ الحيادية”، ويحرضون على ما وصفته بـ”العنف والكراهية” عبر حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي.
وهنا المقصود بالعنف والكراهية أي مقاومة الاحتلال. وللأسف رضخت الوكالة للضغوط الإسرائيلية والأميركية فيُمنع على الموظفين الفلسطينيين في “الأونروا” ابداء أي تعاطف أو تضامن مع شعبهم. أمر مثير للضحك أكثر من الاستفزاز، لأن “اتفاق الإطار” يحول “الاونروا” إلى مراقب أمني على موظفيها واللاجئين ويتيح للاستخبارات الأميركية (الإسرائيلية) الدخول الى بيانات المسجلين في الوكالة ويوقف المساعدة عن لاجئ ويطرد أي موظف من عمله. هذه عملية استغلال للخدمات والوظيفة لتدجين الفلسطينيين.
بوضوح شديد، يتضمن الاتفاق بنوداً تهدف إلى سلخ اللاجئ عن قضيته الوطنية، عبر تقييد حريته بالتعبير عن رأيه، كما يعيد الاتفاق تعريف صفة اللاجئ بأنه الفلسطيني الذي ولد قبل عام 1948، وهم لا يتعدون 40 ألفاً، وليس وفق تصنيف الوكالة الحالي التي تضم سجلاتها 5 ملايين و700 ألف لاجئ، وهذا تصفية لحق العودة بطرق ملتوية. ويهدف الاتفاق أيضاً إلى غسل أدمغة الجيل الفلسطيني الجديد، عبر تفريغ المنهاج المدرسي من مضمونه الوطني. فإذا سيستمر الدعم الأميركي يجب حذف وشطب أي محتوى تراه أميركا واسرائيل معادياً.
ومن تلك المصطلحات، التي يحظر استخدامها في المواد التعليمية الإلكترونية التي يعدها معلمو الوكالة أسماء المدن الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 مثل القدس ويافا وحيفا وعكا وصفد، فضلاً عن حظر استخدام بعض الآيات القرآنية التي تنصّ على الجهاد والمقاومة. فمثلاً في درس ضمن كتاب للصف الثالث في المرحلة الابتدائية اسمه “حيفا والنورس”، وحيفا هنا اسم فتاة، وقد طلبت “الأونروا” إقصاء هذا الدرس من المواد لوجود اسم حيفا. وكذلك طلبت الإدارة التعليمية للوكالة استبدال سؤال حسابي حول المسافة التي تبعد فيها مدينة حيفا (شمال فلسطين) عن القدس، بالمسافة بين مدينتي غزة وخان يونس، وبررت طلبها بأن مدينتي حيفا والقدس غير فلسطينيتين، وذكرهما يعدّ اختراقاً للحيادية. وهذه الحيادية بمنظورها الأميركي الإسرائيلي تعني أن تكون فلسطينياً بنسخة معدلة جينياً وفكرياً تقبل بالاحتلال وتنسى حقك بوطنك.
والمؤسف في الأمر أن غالبية موظفي الوكالة فلسطينيون ولاجئون، ويجب أن يقاوموا الإجراءات والقرارات والتمرد على المديرين “الاونرواتيين” قبل طلب الدعم من عموم الشعب والفصائل الذين يرفضون اتفاقاً كهذا يجعل “الشاهد الملك” على نكبة فلسطين عدواً للاجئين.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال