بسبب كورونا.. "الحكواتي" الفلسطيني يطلق عروضا مسرحية على فيسبوك

تعثرت جولة العروض المسرحية التي كان من المفترض أن يفتتح بها المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" موسمه في شهري أبريل/نيسان الحالي ومايو/أيار المقبل، وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا، إلى جانب تأجيل إطلاق مسرحية جديدة من إنتاج المسرح ذاته.

ومع إلغاء عروض عدة في مارس/آذار الماضي، وتبدد الآمال بانطلاق جولة عروض لاثني عشر عملا مسرحيا أنتجها "الحكواتي" خلال السنوات الثلاث الأخيرة، قررت إدارة المسرح بالتوافق مع مخرجي المسرحيات والممثلين، إطلاق مهرجان افتراضي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لتعرض من خلاله المسرحيات المختلفة.

وأعلن مدير مسرح الحكواتي والممثل المسرحي المقدسي عامر خليل إطلاق المهرجان الافتراضي لإبقاء التواصل مع الجمهور، إذ أكد أنه "من باب المسؤولية المجتمعية وللتخفيف من الضغوط التي يعيشها الفلسطينيون والترويح عنهم، كان لا بد من التفكير خارج الصندوق بعرض هذه المسرحيات في العالم الأزرق فيسبوك".

وأطلق خليل على هذه المبادرة اسم "مهرجان عروض الحكواتي على فيسبوك"، وانطلقت باكورة العروض يوم الأحد الماضي بمسرحية "الملح الأخضر"، تلتها مسرحية "من قتل أسمهان؟"، ودعا الحكواتي على صفحته جمهوره للاستعداد لعرض "نص كيس رصاص" يوم الأحد المقبل.

تأتي جولة العروض التي كانت من المفترض أن تجوب كلا من مدينة رام الله وجنين وبيت لحم والخليل ومدنا في الداخل المحتل، بالإضافة إلى عرض المسرحيات على خشبة المسرح في القدس، ضمن حملة مدعومة من الشعب الفلسطيني رفضا للتمويل المشروط.

من الشعب وإليه

حول تمويل المسرح، قال خليل للجزيرة نت إن "تلك الجولة يدعمها المسرح بفنانيه وشركاء سويسريين وفرنسيين ردا على شروط التمويل التي يضعها الاتحاد الأوروبي"، مضيفا أن "رفض المسرح منحتهم لهذا العام والعام القادم، ولتعويض ذلك تم الترتيب للانطلاق بعروض من الشعب وإليه بحيث تباع التذاكر بمبالغ زهيدة".

وأكد مدير المسرح أن الإدارة لن تتنازل عن تنظيم هذه الجولة بعد زوال أزمة الفيروس المستجد، ورغم قسوة ظروفه فإنه فتح آفاقا جديدة وأدخل جمهورا واسعا للمسرح من خلال العروض الافتراضية.

وتابع خليل أنه منذ الإعلان عن المهرجان الافتراضي، انهالت الرسائل من أشخاص لم يدخلوا المسرح يوما بينهم سائقو سيارات عمومية وميكانيكيون وأصحاب محلات بقالة، بالإضافة لرسائل وصلتهم من لبنان والمغرب والجزائر وفرنسا وأميركا، تستفسر عن أسماء المسرحيات ومواعيدها.

جمهور جديد

هذا الجمهور الجديد الذي أُعجب بالمسرحيات على العالم الافتراضي، يجزم خليل أنه سيتحمس لفكرة الحضور إلى المسرح لاحقا، آملا أن تنتهي حقبة كورونا، لأن لا ألم يضاهي رؤية مقاعد الحكواتي فارغة من رواده.

الممثل المسرحي عزت النتشة من بين المسرحيين الذين ستعرض لهم مسرحيات في الجولة الافتراضية، وعند سؤاله عن رأيه في هذه المبادرة، قال إنه ضد فكرة نقل المسرح للعالم الافتراضي بشكل عام، لكنه مع هذه الخطوة في ظل الحجر الصحي الإجباري على السكان.

وأضاف "يجب تشجيع الناس دائما على الذهاب إلى المسرح والجلوس على مقاعده للتفاعل مع الممثلين عاطفيا ومشاركتهم مشاعرهم في كل مشهد، لكن رب ضارة نافعة، وربما تشجع هذه العروض الافتراضية من لم يذهب للحكواتي يوما أن يتحمس للذهاب إليه لأن مسرحياته تستحق الحضور والتفاعل".

أولى المسرحيات التي عرضت للممثل النتشة "من قتل أسمهان؟" من خلال رابط على فيسبوك ينشره المسرح على صفحته ويحذفه بعد ساعات، وأكثر ما أدخل الفرحة على قلب الممثل المقدسي أن أقاربه في الأردن وأميركا، ممن لم يتمكنوا من حضور المسرحية في الحكواتي بالقدس قبل عامين، تمكنوا من حضورها افتراضيا.

وللمرة الأولى أيضا يتسمر النتشة لحضور مسرحية له ويكون من بين الجمهور، وعن مشاعره تجاه ذلك قال "شعور غريب لا يمكنني وصفه بدأت بالتفكير في مشاعر المشاهدين وهم يتابعون المسرحية معي في الوقت نفسه، لا شك أن بعض الأشياء كانت مفقودة وتمنيت لو أن بإمكان الجميع متابعة المسرحية على خشبة المسرح".

في حين يرى الروائي والكاتب المقدسي إبراهيم جوهر "الأصل أن يشاهد الجمهور المسرحيات داخل المسرح بأجوائه ونكهته وعبقه ومقاعده وإضاءته، لكن من الجيد ملء وقت الفراغ حاليا بالثقافة والعلم والفكر، أنا متحمس للفكرة وشاهدت أولى المسرحيات افتراضيا وسأتابع بقية العروض".

وعند سؤاله عن تخوف بعض الفنانين من عدم إقبال الجمهور على المسرح بعد جلبه لهم بسهولة إلى منازلهم، قال "هذا التخوف مشروع لكن هذه حال المثقفين بشكل عام، فهم يقدمون ولا ينتظرون مقابلا".

الشابة الفلسطينية رولا عثامنة -وهي واحدة من جمهور مسرح الحكواتي المخلصين لأعماله منذ عقدين- قالت "في المسرح نكون على بعد أمتار من الممثلين، نعيش كل مشاعرهم عن قرب، ونلتفت لكل حركة ولحظة ارتجالية عفوية، وهذا صعب أن نكون جزءا منه في العرض الافتراضي".

ورغم تقديرها وإعجابها العميق بمبادرة المسرح الفلسطيني في القدس المحتلة، فإنها وصفتها بالمواساة للجمهور المخلص للمسرح حتى يتجدد لقاؤهم على المقاعد الحمراء التي ألفوها وألفتهم منذ عقود.

المصدر : الجزيرة