Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

السنيما أو الصورة المنكوبة للمغرب؟

أتذكر جيدا كيف سادت الإثارة وربما حالة من الهلع عند تصوير أحد الأفلام الأمريكية الشهيرة (Black Hawk Down) بالمغرب سنة 2000. فيلم المخرج “ريدلي سكوت” الحائز على ثلاث جوائز أوسكار خاصة بالمونتاج والصورة والمؤثرات الصوتية صُور بسلا وكانت طائرات هليكوبتر سوداء تحوم على نهر أبي رقراق وتدخل سماء الرباط بينما أغلبية سكان العاصمة لا علم لهم بأن الأمر كله تمثيل في تمثيل.
هناك من استبشر خيرا لأن المغرب صار لديه أخيرا طائرات هليكوبتر من ذاك النوع. وأصدقكم القول إنها كانت جميلة جدا بلونها الأسود البراق ومذهلة في حركتها، إلى درجة أن كل من رآها، ومن بينهم هذه الأمة الضعيفة، تمنى من قلبه أن تكون بلاده قد اقتنتها في إطار تعزيز بنية الإنقاذ والتدخل في حالة الكوارث الطبيعية أو طب المستعجلات.
من جهة أخرى هناك من أصيب بالذعر، خصوصاً وأننا كنا نعيش بدايات العهد الجديد وانتقال العرش، واعتقد بأن طائرات الهليكوبتر المحلقة في سماء العاصمة طائرات حربية قد تكون معادية! واللوم على المصالح المعنية التي لم تصدر بلاغا لإخبار المواطنين بتصوير فيلم حربي حتى تطمئن نفوسهم.
بعد ذلك وقبله صورت عدة أفلام كبرى بالمغرب، فوجهة ورززات معروفة لدى كل من يرغب في تصوير أفلام تاريخية من النوع الهوليودي الرفيع… بتكلفة أقل لأن الديكورات موجودة والكومبارس متوفرون ولا حاجة إلى استخدام مؤثرات خاصة للعودة بالزمن إلى الوراء، لأن الزمن في بعض مناطق “المغرب غير النافع″ توقف منذ قرون.
أما مدينة سلا فقد شهدت تصوير بعض الأفلام عن الإرهاب والحرب في العراق، أشهرها “المنطقة الخضراء” (Green Zone) الذي لم يكلف الكثير لأنه صور في الأحياء والأسواق دون حاجة إلى ديكور أو تشييدِ ستوديو خارجي. وجاءت المشاهد الحربية مقنعة وواقعية جدا.
من شاهد الفيلم المعني لا يمكن أن يصدق أن المدينة التي تجري فيها الأحداث موجودة في بلد ينعم بالسلم والاستقرار (تبارك الله). المنطقة تبدو منكوبة بالكامل، كأن حرباً مرت من هناك وتركت وراءها مخلفات لا تعد ولا تحصى.
الغريب في الأمر هو أن نفس المشاهد “الحربية” تكررت لدينا في الرباط وسلا عند هطول أمطار “الفضيحة” الأسبوع الماضي، نعم أمطار “الفضيحة” لأنها تكشف المستور وتفضح هشاشة البنيات التحتية بالعاصمة وجارتها، فما بالك بالمناطق التي تبعد عن “المركز″!
تتكرر نفس المشاهد أيضا سنويا في بعض المناسبات مثل يوم ثاني عيد وعاشوراء وإضراب عمال النظافة…ودورياً عند الانتخابات. آنذاك، بنظرة واحدة يتبين لنا وبالعين المجردة أننا نعيش في مناطق منكوبة ونحن لا ندري. ولا أحد ممن يتحمل المسؤولية ولا يملك السلطة في هذا البلد يتكرم ويعلنها منطقة منكوبة!
من يطلق علينا رصاصة الرحمة؟ ويقول الحقيقة نهارا جهارا إننا منكوبون، إننا عاجزون عن جمع فضلاتنا لأن أزبالنا ومعها أمورنا مفوضة إلى غيرنا، عن التدفئة في الشتاء والتبريد في الصيف دون دفع “جلد مؤخرتنا” (ترجمة حرفية لعبارة فرنسية)، إننا نعيش حربا طاحنة يومية في سبيل لقمة العيش، إننا لا نتمتع بالسلم الاجتماعي اللازم واستقرارنا هش هشاشة بنياتنا التحتية، والأهم إننا مستسلمون للتبعية حتى في شربنا للماء وفي نظافتنا وفي العيش داخل بيوتنا أو التنقل…
 زكية حادوش - كاتبة مغربية/راي اليوم

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال