Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

ليس كل من ترك سورية خائن وعميل .. مرحبا بك في وجعّ كل مواطن أصيل ..؟؟

ليس كل من ترك أرض سورية فهو خائن .. وليس كل من هرب من حربها الضروس فهو جبان .. وليس كل من طلب اللجوء في دولة أخرى فهو إرهابي .. وليست الوطنية متر قماش نفصّله على مزاجنا فنوزّع الوطنيات على مقاس تفكيرنا الأرعنّ .. أعرف بشر ما زالت دماؤهم تحمل كريات حمر اء سورية ومع ذلك هاجروا وسافروا وتركوا البلد .. أعرف رجال حاربوا في الجبهة وحين أصيبوا في المعركة أستقبلتهم مشافي دول الغرب كي تعالجهم ..
أعرف أناس زرعت جبهات الاجرام في صدورهم الرعب فكانوا أحرص الناس على السفر .. وهناك بشر هربوا من الارهاب الذي يسفك الدماء حين واتتهم الفرصة في الهرب .. وهناك من لم يتحمل حياة تافهة لم يعد فيها أبسط حقوق المواطن من كهرباء وماء وغاز وبنزين .. وهناك أشخاص ضاع مستقبلهم وكل سنين كفاحهم لأجل كلمة رخيصة لا تسوى في صدور شاربي دم الشعب سوى رشفة ماء .. وهناك الكثير منكم من عضّه الجوع في سورية وجلده البرد وبصق في وجهه الفقر فقررّ أن يسافر ويهاجر ويترك البلد ... رغم أن قلبه ما زال معلقاً بتراب سورية .. وما زال ينبض بكل آذان لجامع وبكل قرع لأجراس الكنيسة في كل يوم ..؟؟
أخبرني ما هي الوطنية وسأقول لك ما هو وطنك ... كلمة الوطنية مثل عزف منفرد يمارسه شخص واحد في جوقة ضفادع .. فكل واحد يرى الوطنية من وجهة نظره رغم أن الوطن واحد .. كل واحد لديه القدرة الخارقة على ارتداء ثوب الوطنية طالما هي على مقاسه .. كل واحد منا قادر على اتهام الاخر بالخيانة الزوجية طالما يشعر أن زوجته هي الوطنية الشريفة .. كل واحد قادر على حمل السلاح طالما يظن أنه يدافع عن مبادئه وإيمانه وأعتقاده .. كل واحد منا يملك في داخله ملاك يرفرفّ بأبجدية الوطن .. وشيطان ما زال على حافة أن يخرج من قمقمّ الوطنية كي يمسح فيك أرض اللغة العربية وتاريخها العريق ...؟؟
هل تذكرون باسم يوسف ... لمن لا يعرفه هو مقدم برنامج أسمه _ البرنامج _ وهو برنامج سياسي فكاهي أطاح بكل البرامج العربية في كمّ المتابعين له ... وهو أول برنامج في العالم العربي الذي يحارب بالنكتة السياسية كل من يظن نفسه أنه فوق القانون ... ورغم تحفظاتي على بعض ما كان فيه .. إلا أنه استطاع كما يقولون أن يهزم الحرب الشعواء التي قامت فيها جماعة الاخوان المسلمين متمثلة برئيسها الغبي حينها محمد مرسي ... برنامج واحد أسقط رئيس دولة وأسقط كل الكذب الذي تفننوا فيه .. وربما هذا ما شدني الى البرنامج بكل مواسمه .. لأنه يحارب بطريقة ذكية كل نفاق هذه المجموعة القذرة التي تدعي الاسلام وهي ليست أكثر من مجموعة ارهابية .. دينها السلطة وربها الكرسي ورسولها حمار أسمه الغباء .. لقد حاربهم حينها بكلامهم وبكل اجتماعاتهم وبكل ما صدر من أفواههم .. بمعنى أنه لم يأتي بشيء من عنده بل فندّ كلامهم وفضّح كذبهم بشهادتهم هم أنفسهم ... وجاء بشهاداتهم على أنفسهم كي يقتلهم على مبدأ ابن خالة زليخة .. وشهد شاهد من أهله ...؟؟
لماذا جئت على ذكر باسم يوسف .. لأن برنامجه توقف .. أو بالاصح أوقفوه رغما عنه .. وفي اللقاء التلفزيوني الاخير وهو يودع مشاهديه ومتابعيه ويرد على أسئلة الصحافة .. سأله أحد الوطنيين الذي يظن نفسه أن الوطنية أن تظل واقفاً أمام فوهة مدفع ... سأله لماذا أوقفت البرنامج .. فأجابه باسم يوسف بأنه تعرض للتهديد بالقتل له أو لأحد أفراد أسرته ... فتذاكى المراسل وقال له وهل التهديد سيرغمك على وقف قتالك أمام الفساد .. حينها أجابه باسم يوسف هذا الدكتور الجميل اجابة رائعة ... قال له .. لأجل حضرتك أو غيرك أنا لن أموت .. حين أموت فكل ما ستفعله أنت أو غيرك بأن يضع منشور عن موتي وبأني شهيد الحقيقة وتأتي الناس كي يضعوا الاعجابات وبعد اسبوع ينتهي باسم يوسف ويختفي من ذاكرتكم ويموت كما مات أول مرة ... أنا لا أريد أن أموت مرتين .. أنا لا أريد الموت كي تصدق أنت أو غيرك أني وطني شريف .. أنا سأعيش كي أحارب .. ولكن حين أموت .. فأنت آخر شخص في هذه الدنيا سيأتي كي يطمئن على حالة أسرتي .. هل هم جائعين أم شبعانيين .. لأجل هذا سأعيش اليوم ... كي لا أموت رخصاً لأجل كلمة أسمها الوطنية ..؟؟ طبعا باسم يوسف لم يقل كل هذا الكلام ولكني أقوله عنه رغماً عني وأفتعلت الاجابة الاخيرة .. لو كنت واقفا بدلا عنه في المسرح حين أجرى هذا الوداع الاخير ...؟؟
الفكرة فيما سردته قبل قليل بأن الوطنية ليس معناها دوما أن تحمل السلاح كي تقاتل عن وطنك .. الرصاصة في مخزن الجندي تقتل واحد والكلمة في حلق الكاتب تقتل ألف .. ليس ضروريا أن تقف على الجبهة كي يقول الناس عنك أنك بطل .. ربما تكون بطل أكثر من هذا الجندي حين تغيرّ تفكير بعض البشر وتشعل لهم شمعة حق أمام ظلام الكذبّ .. وإلا ماذا يعني أن تكون فتوى شخص مريض يربي لحيته ويدّعي أنه من شيوخ الاسلام .. هي منارة كل حمار كي يستهدي الى جنة الله وحوره .. هو يقول كلام فقط لكنه من ورائه قطيع من الحمير التي تؤمن بكلامه .. الكلمة هي الأصل .. الكلمة هي التي تقتل وليس السكين .. الكلمة هي التي كانت في البدء ولم تكن يوما في النهاية .. نحن نحارب العقل وهم يحاربون على الأرض .. هم يقتلون عدواً في خطوط العرض .. ونحن نقتل الجهل في أمة بالطول والعرض .. فالوطنية لم تكن يوماً معلقة ببذلة عسكرية .. ولم تكن يوما مربوطة بسلاح يستند على كتف .. ولم تكن قماشاً رخيصاً كما قلت سابقاً تفصلّه على مزاجك ومقاسك ...؟؟
الوطنية أن تحارب في جبهتك لأنها الجبهة التي تستطيع فيها أن تجابه عدوك .. ما معنى أن تأتي بعالم فيزياء أو كيمياء كي يحمل السلاح .. أو طبيب كي يرمي من وراء مدفع .. أو مهندس كي يطبخ الطعام للجنود .. أو كاتب كي يلملمّ أشلاء الشهداء من ساحة المعركة .. الرجل المناسب في المكان المناسب .. عالم الفيزياء أو الكيمياء ستكون جبهته تطوير الأسلحة .. والطبيب سيكون مكانه في المشفى والمهندس في قسم البناء والتعمير .. والكاتب في قسم الردّ على اتهامات وافتراءات الاخرين ... وإلا لكان فيصل القاسم اليوم يحمل سلاحا في درعا .. ولكنه ببرنامجه يستطيع أن يشعل فتيل حرب كاذبة ويستطيع أن يجيشّ ألوف الحمير الذين يصدقونه وهو لا يعرف الفرق بين الزناد وبين بيت النار ... ولكانت أصالة نصري اليوم تنام في أسرة أمراء الارهاب وهي تمارس جهاد النكاح .. ولكان وزير الثقافة السابق رياض نعسان آغا من يطبخ الطعام للمجاهدين كي يشدد على تواصل اللغة العالمية مع الأفغان والباكستان والأتراك وكل مجرمي العالم مع اللهجة السورية .. ولكان القزم محمد علوش لا يجلس الآن مع عمالقة الوطن .. ولكن يجلس أمام حاوية زبالة ينتظر أحدهم كي يرمي زبالته في حاويته كي ينبشها بأسنانه وأظافره ...؟؟
الوطنية يا سادة ليست سوق للمزايدة فيه ... فكل ما تفعله إن كان لأجل وطنك فهو يحمل دمغة الوطن .. صوتك صراخك بكاؤك حرفك سلاحك رصاصك لهفتك ووجعك وحزنك وألمك .. كل هذه تنصبّ في خانة الوطنية .. لا تنتظر أحد كي يهديك شعار الوطنية .. ولا تنتظر أحد كي يلبسك تاج الشرف في خدمة الوطن .. الجندي يفدي روحه لأجل الوطن .. والطبيب أيضا جندي يفدي روحه لأجل المرضى .. والكاتب أيضا يفدي روحه لأجل الكلمة الصادقة .. كلنا جنود في هذا الوطن ولكن كل واحد له سلاحه الذي يعرف كيف يرمي فيه ويقتل عدوه فيه ويجعل حثالة الوطن يستغربون كيف هذا الوطن ما زال ينبض بالحياة حتى اليوم .. في أحد الأفلام الأجنبية المشهورة وهي ثلاثمائة رجل وهي تحكي قصة ثلاثمائة رجل اسبرطي يقفون في وجه آلاف الأمم من الفرس .. يرسل البطل رجلا الى اسبرطة ويعفيه من القتال رغم أن الجندي يريد القتال .. فقال له .. قتالك لأجلنا اليوم لا يسوى شيء بقدر أن توصل رسالتنا الى الناس في اليونان كي يعرفوا ما حدث .. لو متّ اليوم لأجلنا .. سنموت اليوم كلنا .. لا بد أن يكون هناك من يوصل الرسالة .. ؟؟ هذه الرسالة يا سادة هي رسالتي اليوم لكل من يبايع ويزايد في الوطنية على الاخرين ... نحن في حرب واحدة .. ولكن على أكثر من جبهة .. والحرب التي تتناحر فيها الجبهات هي حرب لا يعول عليها أبدا ...؟؟

هناك من ترك سورية لأنه يخاف على بناته من الاغتصاب .. هناك من ترك سورية لأنه خاف على أطفاله الصغار .. هناك من ترك سورية لأنه لم يعد يجد مستقبلا مشرقا .. هناك من ترك سورية لأنه لم يعد يحتمل حياة كلها موت .. هناك من ترك سورية لأنه يبحث عن فرصة جديدة كي يدافع عنها .. هناك من ترك سورية لأن حياته صارت مهددة بالقتل في أي لحظة .. هناك من ترك سورية لأنه لم يعد يحتمل شريعة الغاب التي يمارسها البشر .. وبالتأكيد هناك إرهابيون تركوا سورية بعدما أحرقوها بشعارات الحرية .. وبالتأكيد هناك أبناء عاهرة يتاجرون علينا بثورتهم القذرة وهم ينامون في فنادق تركيا أو أوروبا .. ولكن ليس كل السوريين الذين تركوا سورية تركوها طواعية .. فقد تركوها يا سادة كراهية .. تركوها وشهيق وجعهم يخترق كل ذرة رمل في سورية .. تركوها وهم مكرهين .. فلا تلوموهم ولا توجعوهم ... فقد تركوا سورية بأجسادهم .. ولكن قلوبهم ما زالت مزروعة حتى اليوم في أرضها ؟؟
على حافة الوطن 
يا وطني أنا ما تركتك ولكن غصّبٌ عنّي 
أنا ما هجرّتك طواعية ولكن الوجعّ فيك أجبّرني
أنا ما ابتعدت عنك يا عمري ولكن الظلمّ فيك ذبحنّي 
سيظلّ قلبي في حبك ينبضّ نبضّا 
ستظلّ روحي تصلّي لك في كل فرضّا 
وسأظلّ أحبّك وأصرخ لك وأبكي لك وأكتب لك وأغنّي
بلال فوراني/الحوار المتمدن

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال