Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

متظاهرو #السودان - ثكالى وأيتام وآلام والثورة مستمرة

أمل هي معلمة قيثارة، لكنها لا تعرف أن كانت ماتزال قادرة على العزف على هذه الآلة، لأنّ ذراعيها كسرتا حين كانت تتظاهر وواجهت حملة قمع الاحتجاجات الشعبية في الخرطوم التي أسفرت عن مقتل عشرات.
أمل أم أربعة أطفال توقفت عن المشاركة في المظاهرات، لكنها تدعم من البيت حركة المعارضة السودانية. والمرأة النحيفة قادرة على تحريك يدها اليمنى، لكنها فقدت كل شعور في اليد اليسرى، وبالرغم من ذلك فإنها لم تفقد الابتسامة وتستقبل ضيوفها في بيت والدها حيث لا يراقبها أحد، لأن أمل تريد أن تحكي ماذا حصل في (الثالث من حزيران/ يونيو عام 2019) في العاصمة الخرطوم:" الهجمات علينا بدأت في شارع النيل. والشباب هربوا إلى الجسور...لكن المهاجمين طاردوهم. وكنت أعرف أن شيئا سيئا سيحصل".
وبعدها بقليل سمعت أمل طلقات نارية. هي والمتظاهرون الآخرون في الساحة أمام المقر الرئيسي للجيش كانوا يحاولون الاختباء وهربوا لإنقاذ حياتهم، لكن رجالا مسلحين بدأوا يضربونهم. وقالت لقناة التلفزة العامة الألمانية: "عندما انكسرت يداي، بدأوا في ضربي على الرأس. وسقطت على الأرض. وعندما كنت مرتمية على الأرض داسوني بالأرجل وشتموني. وواحد منهم سألني: ماذا حصل لك؟ قلت انكسرت يداي. ورد علي "ذراعاك لم تنكسرا. لا أحد فعل ذلك...".
وبعد ساعات من التيه وجدت أمل الطريق إلى أحد المستشفيات، لكنها لم تتلق العلاج. المستشفى يعج بأشخاص مصابين بطلقات نارية وجروح بليغة. وأكثر من 60 شخصا توفوا في هذه الليلة.
وبين عشرات الأكوام الترابية في أحد الأحياء جنوب الخرطوم، تنحني خدوم لتقبل شاهداً كتب عليه اسم نجلها الذي قتل خلال قمع الحركة الاحتجاجية المتواصلة في السودان منذ عدة أشهر.
سودانيون يقاومون القنابل المسيلة للدموع
وكان صباحاً من صباحات نيسان/ابريل حينما شرب المعز الشاي قبل أن يغادر البيت المتواضع الذي يسكن فيه مع أهله في الرميلة جنوب الخرطوم إلى مكان عمله.
ويقع مكتب المعز في مبنى يضم أيضاً مكاتب قناة الجزيرة القطرية وعلى مقربة من مكان الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم. 
وقالت خدوم لوكلة فرانس بريس إن "المبنى كان تحت رقابة جهاز الأمن والمخابرات الوطني النافذ جداً". وبعد وقت قصير من وصول المعز إلى عمله، بدأ زميله بالتقاط الصور عبر هاتفه من نافذة المكتب لقوات الأمن التي تراقب المبنى. وفجأة اخترقت رصاصة النافذة واستقرت في قلب المعز الذي كان يقف إلى جانب زميله. وتوفي الرجل البالغ من العمر 45 عاماً على الفور.
ودفعت عائلة المعز ثمناً غالياً من أجل ثورة السودان التي أسقطت الرئيس عمر البشير في نيسان/ابريل الذي حكم لثلاثة عقود، مثل العشرات من العائلات الأخرى التي خسرت ابناً أو قريباً أو أخاً. والآن، تريد عائلة المعز العدالة.
وطالب والداه بفتح تحقيق رسمي، وبأن يواجه القاتل عقوبةً وفق مبدأ "العين بالعين". لكن خدوم ترى أن أمل إيصال القضية إلى المحكمة وإدانة جهاز الأمن والمخابرات ضئيل جداً.
أرواح القتلى لن تذهب سدى 
وقتل أكثر من 200 متظاهر منذ بدء المظاهرات في 10 كانون الأول/ديسمبر احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز، بينهم 100 قتيل سقطوا يوم تفريق اعتصام المطالبة بحكم مدني أمام مقر الجيش في الـ 3 من حزيران/يونيو، بحسب لجنة الأطباء السودانيين المقربة من الحركة الاحتجاجية. وفي الأسابيع الأخيرة نظمت تجمعات أمام منازل "الشهداء" الذين رسمت وجوههم على الجدران في أنحاء العاصمة.
وخارج عمارة سكنية متهالكة يمكن رؤية الطفلين أحمد وأسير، وهما في الثالثة من العمر، وهما يلوحان بأعلام سودانية صغيرة للسائقين العابرين على جانب الطريق. ولدى مرور عناصر أمن في المكان، يردد الولدان عبارة "الدم بالدم، لا نريد تعويضات"، وهو شعار من شعارات الاحتجاجات التي تطالب بمقاضاة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.
سودانيون من جميع الأطياف شاركوا في الاحتجاجات ضد البشير وضد الحكم العسكري
وقتل عم الطفلين علي ويبلغ من العمر 25 عاماً، برصاصة استقرت في ظهره في 3 حزيران/ يونيو يوم فرّق مسلحون بلباس عسكري بوحشية الاعتصام أمام مقر الشرطة الذي بدأ في 6 نيسان/ابريل. وكان علي يشارك في هذا الاعتصام، صباح مساء، مثل الآف السودانيين، للمطالبة بحكم مدني بعد الإطاحة بعمر البشير في 11 نيسان/ابريل 2019.
وقال يوسف البالغ من العمر 35 عاماً، وعيناه دامعتان "أخي قتل شهيداً. نحن فخورون به وأنا أيضاً مستعد للموت من أجل الثورة".
وخسرت إيمان ذات ال 24 عاماً أيضاً شقيقها في مجزرة تفريق الاعتصام. وعاد مطر الذي كان يتابع دراسته في  بريطانيا إلى السودان لزيارة عائلته، وكان قد احتفل بعيد ميلاده السادس والعشرين للتو حينما قرر أن يمضي ليلة مع المعتصمين.
"قتلوه بدون رحمة"، بحسب إيمان، التي حظي مصير شقيقها المأساوي بحملة تضامن واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ "أزرق من أجل مطر".
وبعد وفاة مطر غادرت عائلته إلى مصر، تاركةً كل شيء خلفها، لكن مع وعد العودة من جديد. وأكدت إيمان أن "مطر دفع حياته ثمناً، والآن يجب أن يحصل تغيير في السودان، فهذا ما كان يريده".
وفي الأيام التي تلت، وقع المجلس العسكري الحاكم وقادة الاحتجاجات اتفاقاً حول نقل السلطة. وأعطى الإعلان عن الاتفاق الأمل لآلاف المحتجين بإمكانية تحقيق الديموقراطية في السودان. وردد المحتفلون بالتوصل لهذا الاتفاق يوم الجمعة، في شوارع الخرطوم عبارة "شهداؤنا لم يموتوا عبثاً".
لكن يوسف الذي يشارك في الاحتجاجات منذ بداية الحراك، لا ينتظر شيئاً من "العسكريين الحاكمين" ولا من الاتفاق، ويؤكد أنه جاهز لمواصلة التظاهر. ويقول إن "الطريق إلى سودان جديد لا تزال طويلة. ربما لن نكون على قيد الحياة لرؤية الديموقراطية تتحقق، لكن علينا مواصلة النضال من أجل الأجيال المقبلة"، فيما كانت عيناه شاخصتين نحو ابني شقيقته المستمرين بالتلويح برايات بلدهما.
أ ر د، ا ف ب / م.أ.م

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال