قالت منظمة العفو الدولية اليوم، إنه يتعين على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الإبقاء على حظر الأسلحة المفروض على جنوب السودان، وذلك بعد تأكيد وقوع حالات العنف الشديد المرتكبة على يد القوات الحكومية وتصاعد الهجمات على المدنيين، بما في ذلك جرائم الحرب، في جميع أنحاء البلاد في عام 2020.
بكل بساطة، فشلت حكومة جنوب السودان في حماية شعبها.
ديبروز موتشينا، المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية
ومن المقرر أن يُجري مجلس الأمن الدولي مراجعة نصفية لحظر الأسلحة وغيرها من التدابير التي يفرضها على جنوب السودان قبل 15 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وقال ديبروز موتشينا، المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "في وقت سابق من هذا العام، وبينما كان المسؤولون في جنوب السودان يدعون إلى رفع الحظر المفروض على الأسلحة، كان الجنود الحكوميون يطلقون النار على المدنيين، ويحرقون المنازل، ويغتصبون النساء والفتيات، ويشردون عشرات الآلاف من قراهم في جنوب البلاد".
"إن فظائع هذا الصراع تُضاعف عقوداً من معاناة الملايين من الأشخاص من جنوب السودان، الذين نجوا من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بحقهم أثناء الكفاح في سبيل الاستقلال عن السودان".
"بكل بساطة، فشلت حكومة جنوب السودان في حماية شعبها. وسيفتقد أي قرارٍ لمجلس الأمن بتعليق أو رفع حظر الأسلحة الآن إلى الحس بالمسؤولية، في ضوء الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها القوات الحكومية".
واستمرت الاشتباكات في الجزء الجنوبي من البلاد بين الجماعة المتمردة المعروفة باسم "جبهة الإنقاذ الوطني" (جبهة الإنقاذ) من جهة، و"قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان" الحكومية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة"، من جهة أخرى.
أعمال القتل والحرق
وثّقت منظمة العفو الدولية دمار 110 مبانٍ في عدة هجمات وقعت بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2020، في ولاية وسط الاستوائية وحدها، وهو جزء ضئيل من الخسائر الإجمالية التي أوردتها وسائل الإعلام المحلية. ووفقاً لبيانات من "مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة"، شهدت ولايات جونقلي والبحيرات وواراب وغرب الاستوائية أيضاً عنفاً واسع النطاق خلال تلك الفترة. وكشفت الإحصائيات عن زيادة بنسبة 400 بالمائة في أعمال العنف مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، بحسب تحليل أجراه مركز ستيمسون.
وأجرت منظمة العفو الدولية 26 مقابلة عن بُعد مع شهود عيان وأفراد من عائلات الضحايا، من بينهم خمس نساء، من مقاطعات لينيا وموروبو وياي بولاية وسط الاستوائية. وطلب جميع من أجريت مقابلات معهم عدم ذكر أسمائهم بسبب التهديد المستمر بالانتقام من قبل القوات الحكومية. كما استخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية، وصور من مسرح الانتهاكات، وبيانات متاحة علناً للتحقق من الهجمات.
وأجرت المنظمة مقابلات مع ستة نازحين شهدوا العمليات القتالية يومي 9 و10 مايو/أيار بالقرب من قرى البوجولو في لوميليكين ولوكا ويست وكينجوي في مقاطعة لينيا. فبعد اشتباكات مع "جبهة الإنقاذ الوطني"، قامت قوة مشتركة من "قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان" و"الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة"، بحملة تفتيش على كل القرى في المنطقة.
ففي صباح يوم 10 مايو/أيار، اعتقل جنود حكوميون أربعة رجال- وهم، كما أسماهم السكان المحليون: لوبور ولوميونغ وساباتا ولومورو- في كينجوي بتهمة تزويد جنود "جبهة الإنقاذ الوطني" بالطعام. وقيدت أيدي الرجال خلف ظهورهم واقتيدوا إلى وسط القرية، حيث جُمع ما يقرب من 20 امرأة وطفل. وعندما حاول أحد الشبان الفرار، فتح أحد الجنود النار من مدفع رشاش من طراز "بي كيه أم" وأردى الأسرى الأربعة.
وقال أحد الشهود لمنظمة العفو الدولية: "لقد أطلق الرصاص عليهم جميعاً وقتلهم، وأحدهم، لوميونغ، تم تمزيقه بالرصاص كلياً لدرجة أنك لن تتمكن من التعرف عليه. لقد أطلقت على وجهه ورأسه طلقات عديدة ومتتالية. وبعد أن قتلوا الأربعة، بدأوا بإطلاق النار على الحيوانات، مثل الماعز والدجاج، ثم أضرموا النار في المنطقة بأكملها".
وأكد تحليل صور الأقمار الصناعية أن القرى الواقعة شمال طريق يي-لينيا قد جرى سُويت بالأرض بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2020. كما راجعت منظمة العفو الدولية الصور التي تم التحقق منها للرجال الأربعة، والتي تم التقاطها فور مقتلهم، وتأكدت من تفاصيل إصاباتهم المحددة من العديد من الأشخاص الذين أُجريت مقابلات معهم. وأفاد "مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة" أنه قبيل يوم 9 مايو/أيار، تم تدمير وحرق 11 قرية في المنطقة، ونزح ما مجموعة 22000 شخص.
التعذيب وسوء المعاملة والنهب على أيدي القوات الحكومية
أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع ثمانية ناجين وشهود على الهجمات التي طالت المدنيين والقرى في موكايا بايام في مقاطعة لينيا طوال شهر أبريل/نيسان. ووصف هؤلاء الشهود كيف هاجم الجنود الحكوميون السكان بالسكاكين وكيف أنهم سكبوا الماء المغلى على إحدى النساء ونهبوا المنازل والمواشي. وكان الجنود قد اتهموا المدنيين بتزويد مقاتلي "جبهة الإنقاذ الوطني" بالطعام والعمل لصالحهم كمخبرين.
وقامت منظمة العفو الدولية بإجراء مقابلات مع خمسة أشخاص نجوا من هجوم في بانيوم بايام في مقاطعة موروبو في أوائل يونيو/حزيران. ففي 3 يونيو/حزيران، وبعد اشتباكات مع مقاتلي "جبهة الإنقاذ الوطني"، قام جنود "الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة" باحتجاز شخص يدعى جون كابو في قرية سوبر القريبة وتعذيبه حتى الموت. وكان كابو قائداً وزعيماً في تلك المنطقة. واتهمه جنود "الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة" أيضاً بكونه قائداً أو مُناصراً لـ"جبهة الإنقاذ الوطني"، لأنه لم يبلغهم بالهجوم الوشيك.
وقال رجل شهد الهجوم أثناء إحضاره الماء بالقرب من القاعدة العسكرية لمنظمة العفو الدولية: "اعتقل الجنود كابو. وقيدوه وعذبوه حتى وقت متأخر من المساء. كان الرجل ينهار لأنهم قطعوا أجزاء من جسده، وأرغموه على تناولها. وفي الساعات التالية اقتادوه بعيداً ومات في الغابة".
يكشف بحثنا أن جنود "قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان و"الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة" ينتهكون بشكل روتيني القانون الإنساني الدولي ويفشلون في حماية المدنيين.
ديبروز موتشينا
وأكد ثلاثة شهود آخرين التفاصيل المروعة لعملية التشويه-بما في ذلك قطع أذن كابو وأعضائه التناسلية- وأن كبار قادة "الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة" كانوا حاضرين أثناء تعذيبه. ويبدو أنهم تركوه ينزف حتى الموت في الغابة، حيث اكتشف القرويون جثته بعد عدة أيام.
واستنتج ديبروز موتشينا "يكشف بحثنا أن جنود "قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان" و"الحركة الشعبية لتحرير السودان في المُعارضة" ينتهكون بشكل روتيني القانون الإنساني الدولي ويفشلون في حماية المدنيين. وبينما تستمر هذه الهجمات المروعة، من الضروري أن يطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جنوب السودان بإنهاء جرائم الحرب هذه وتقديم الجناة إلى العدالة، مع الإبقاء على حظر الأسلحة المفروض على البلاد".
خلفية
في أبريل/نيسان 2020، نشرت منظمة العفو الدولية أدلة من جنوب السودان على وجود أسلحة خفيفة وذخيرة حديثة الاستيراد، وعلى إخفاء غير مشروع للأسلحة، وتحويل المركبات المدرعة لاستخدامات عسكرية لم تتم الموافقة عليها بموجب تراخيص نقل الأسلحة.
وحمل العديد من الحراس الشخصيين للجنرالات البارزين من القوات الحكومية والمعارضة على حد سواء، والذين كان يمكنهم الوصول الأول إلى الأسلحة التي تم الحصول عليها مؤخراً، طرازات من أسلحة من أوروبا الشرقية لم يسبق توثيق وجودها من قبل في جنوب السودان. وتعتقد منظمة العفو الدولية أنه تم جلب هذه الأسلحة إلى جنوب السودان في انتهاك للحظر المفروض على الأسلحة.
وفي 29 مايو/أيار، جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض حظر الأسلحة لمدة عام آخر بتصويت 12 مقابل صفر بينما امتنعت روسيا والصين وجنوب أفريقيا فقط عن التصويت. وبحلول 15 ديسمبر/كانون الأول، من المقرر أن يجري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مراجعة نصفية لحظر الأسلحة في ضوء التقدم المحرز في تنفيذ جميع أحكام اتفاق السلام المُعاد إحياؤه في عام 2018، والالتزام بوقف إطلاق النار. ومن المقرر أن ينظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضاً في كيفية تطوير معايير مرجعية يمكن على أساسها مراجعة حظر الأسلحة في مايو/أيار 2021.
إن منظمة العفو الدولية تدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى إعطاء الأولوية للنظر في سجل الدولة المروّع في مجال حقوق الإنسان، وليس مجرد النظر في مدى التنفيذ المجزأ لأحكام اتفاقية السلام المُعاد إحياؤها لعام 2018.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال