Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

ألمانيا: البكاء تركي والدموع أذربيجانية

أثارت موافقة البرلمان الألماني على مشروع قرار بالاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الشعب الأرمني العديد من ردود الأفعال.
هناك دول اعتبرت أن قرارات البرلمان الألماني شأن داخلي لألمانيا، ولا يجوز التدخل في مثل هذه الأمور. وهناك دول أخرى، أظهرت غضبها وامتعاضها، مثل أذربيجان التي أعلن المتحدث باسم وزارة خارجيتها حكمت غاجييف أن باكو تعتبر قرار البرلمان الألماني بشأن الاعتراف بإبادة الأرمن الجماعية أمرا غير موضوعي ومتحيز، وهو تزوير غير مسموح به لتاريخنا بهدف تحقيق أهداف سياسية".
جمهورية أذربيجان السوفيتية السابقة ترى أنها جزء من "الدولة العثمانية" تاريخيا. وبالتالي، ترى أن قرار البرلمان الألماني "تزوير غير مسموح به لتاريخنا"! أم المقصود لتاريخ الإسلام، على اعتبار أن تركيا وأذربيجان دولتان إسلاميتان، مع العلم بأن كلا منهما دولة علمانية وفق الدستور؟!
لم تكتف وزارة خارجية أذربيجان بذلك، بل وذهبت إلى سرد جزء من تاريخها الخاص، لتؤكد أن "البرلمان الألماني تجاهل حقيقة الإبادة الجماعية لسكان أذربيجان السلميين في مدينة خوجالي أيام حرب قره باغ في عام 1992 وهذا انعكاس لإتباع المعاير المزدوجة".
إن أذربيجان ترى أن البرلمان الألماني قام بالتزوير في تاريخها من أجل أهداف سياسية، على الرغم من أن القرار لا يخصها ولم يذكرها أصلا، بينما تسمح لنفسها أن تجري قياسات غير منطقية وليس لها علاقة لا بالواقع، ولا بالمنطق، وإنما بإسقاطات سياسية تحاول باكو أن تربطها بمشساكلها وأزماتها السياسية.
من جهة أخرى، هناك حوالي 20 دولة أعلنت اعترافها بأن تلك المذابح تندرج تحت بند الإبادة الجماعية. ولكن الغريب أن هناك دولا اكتفت إلى الآن بقرارات برلماناتها ولم يتم المصادقة عليها من رؤساء الدول. وهو ما ينطبق، حتى كتابة هذه السطور، على قرار البرلمان الألماني الذي أثار ضجة واسعة النطاق، ربما لتوقيت القرار، وربما لأسباب قد نعرفها خلال الفترة القريبة المقبلة.
المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف رأى أن اعتراف البرلمان الألماني بالإبادة الجماعية للأرمن هو شأن داخلي ألماني. هذات التصريح لا يثير الدهشة أو الاستغراب، لأن روسيا هي الأخرى من الدول التي أعلن برلمانها في الذكرى الـ 80 لمذابح الأرمن، عام 1995، أن هذه المذابح تندرج تحت بند جرائم "الإبادة الجماعية".
هنا لا يمكن أن نتجاهل كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الذكرة المائة لإبادة الأرمن التي جرت مراسمها في العاصمة الأرمينية يريفان، عندما قال: "لا تبرير لأعمال القتل الجماعي في تاريخ البشرية"، ودعا المجتمع الدولي إلى إبرام الاتفاقات والمعاهدات الكفيلة بتجنيب الشعوب التعرض لجرائم ضد الإنسانية والإبادات، مؤكدا دعم روسيا لذلك التوجه.
وعلى الفور ظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ليرد على الرئيس الروسي، فترك الموضوع الأسي وهو إبادة الأرمن وجرائم الإبادة الجماعية للشعوب، ودخل إلى مناطق تاريخية وسياسية ليس لها علاقة بأي شئ. وربما كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات بين أنقرة وموسكو.
وكما حدث في رد الفعل مع روسيا، حدث أيضا مع ألمانيا، حيث بدت كل التصريحات التركية أقرب إلى الاستهتار والتجاهل والاستعلاء، عدا استدعاء السفير التركي لدى ألمانيا للتشاور وليس سحبه من هناك. وكان تعبير إردوغان الذي استبق به قرار البرلمان الألماني: "تركيا ليست ملزمة بتنفيذ مثل هذه القرارات"، انعكاسا واضحا لكيفية تعامل تركيا – الإردوغانية مع القضايا الإنسانية والتاريخية، والسياسية والجيوسياسية. وبعد إعلان القرار، صرح إردوغان، بأن اعتراف البرلمان الألماني بالإبادة سيؤثر بشكل جدي على العلاقة بين البلدين.
العالم الآن ينتظر كيف سيؤثر هذا القرار، من وجهة نظر إردوغان، على العلاقات بين ألمانيا وتركيا. وهل سيجرؤ إردوغان على أي تصعيد، أم سيواصل ابتزاز ألمانيا وأوروبا بملف اللاجئين؟ وهل سيقوم بمغامرات غير محسوبة ضد مصالح أوروبا، أم سيفكر في مصالح ملايين الأتراك في ألمانيا وبقية الدول الأوروبية الأخرى، ومصالح تركيا نفسها مع ألمانيا؟
في الحقيقة، لقد أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن أمله بأن لا يؤدي تصويت البرلمان الألماني بشأن قضية إبادة الأرمن إلى توتر العلاقات مع تركيا. لأن "هذا قرار مستقل من قبل البرلمان الألماني. ورد تركيا كان متوقعا، وآمل بأن نتمكن خلال الأيام والأسابيع المقبلة من بناء العلاقات بشكل يسمح بتفادي الإفراط في ردود الفعل".
أشرف الصباغ

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال