Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

مالوف المدينة المغاربي.. تونس تحيي الموروث الموسيقي

 

شهر رمضان في تونس يشهد هذه السنة حركة ثقافية واسعة، ومن ضمنها مهرجان "مالوف المدينة المغاربي" الذي ينظمه "بيت المالوف".

يشهد شهر رمضان في تونس هذه السنة حركة ثقافية واسعة، بعد سنتين من توقّف الأنشطة بسبب جائحة "كورونا" وفرض حظر التجوال في البلاد.

في هذا الإطار تأتي فعاليات "رمضان في المدينة"، حيث ينظم "بيت المالوف" في "مدينة الثقافة" بالعاصمة تونس "مهرجان مالوف المدينة المغاربي" الذي انطلق في 12 ويستمر حتى 18 نيسان/أبريل الجاري.

وتضم برمجة المهرجان عروض "زمان الإنشراح" لفرقة سرايا المالوف من ليبيا، و"أندلسيات عثمانية" لجوق محمد العثماني من المغرب، ومن الجزائر عرض "قسنطينة تغني" لجمعية مقام، وعرض لفرقة مدار الطبوع من تونس.

كما يشهد المهرجان مشاركة فرقة الرشيدية بعرض "شارع الحب" فيما يكون الاختتام بعرض للفنان زياد غرسة.

ويحتفي المهرجان بالموروث الموسيقي التقليدي التونسي ذي الأصول الأندلسية المغاربية، ويتضمن مشاركة فرق من ليبيا والمغرب والجزائر، إلى جانب السعي لإبراز ثراء الموسيقى المغاربية التقليدية حيث تنهل  موسيقى "المالوف" من مشارب عديدة يعتبر الأندلسي فيها ركيزة أساسية. 

وافتتح المهرجان بعرض "الششتَرِي"بقيادة المدير الفني لــ "بيت المالوف" المايسترو مكرم الأنصاري، علماً أن المالوف الشَّشْتَرِي هو الّذي يصاحب إنشاده بآلات إيقاعية والمتمثلة أساساً في آلة "الطار" وآلة "النّغّارات" و"الدربوكة" وأحياناً آلة "الطبل".

وينسب هذا النوع من المالوف إلى الشيخ أبي الحسن علي الشَّشْتَرِي الصّوفيّ الشّهير الذي ولد في الأندلس في قرية قرب وادي آش، وششتري هي نسبة لاسم زقاق عاش فيه، وفي هذه الربوع حفظ القرآن ودرس الفقه ثم اتجه إلى المغرب وتتلميذ على يد أبي مدين التلمساني والصوفي ابن سبعين الأنصاري وذلك للتعمق في الدين والتصوّف.

وكان الجمهور على موعد مع عرض متنوع جمع بين ما يعرف بالمالوف الجد (يسمّى "مالوف الجِدْ" عندما يُنْشد بأبيات تمدح الرّسول (ص) في حلقات صوفيّة) وبين النمط الغنائي الأندلسي.

وأمنت العرض المجموعة الموسيقية لــ "بيت المالوف"، كما شارك الفنان التونسي شكري عمر الحناشي بإنتاج جديد في هذا الجنس الموسيقي منها "سيدي بوعلي عمارة الأوطان" و"ولله يا الله"، إلى جانب تقديمه لمقاطع من الموروث الصوفي التونسي .

وجاء المهرجان بعد زهاء سنة من التحضير والبحوث في مجال الموروث الموسيقي لتقدم الفرقة الموسيقية لــ "بيت المالوف" عرضاً يجمع بين أهم الأنماط المميزة لموسيقى المالوف منها النوبة والموشح والقصيد. وفيما تراوح الأداء بين الفردي والجماعي ليستمتع الجمهور بوصلات غنائية ذات نفس صوفي على غرار "يا مرسل سحر الجفون" و"مولاي عبدك مايرضي جاشي" و"لولاك ماخلقت الأكوان".

وقال مدير المهرجان مكرم الأنصاري في تصريح لــ "الميادين الثقافية" أن "مشروع المهرجان يقوم أساساً على التكوين والبحث لضمان استمرارية "المالوف" كموروث موسيقي"، وأضاف أن "الهدف هو إحياء الإشعاع مغاربي للموسيقى التونسية التي يزخر رصيد تراثها من الثّراء والغزارة".

وأشار الأنصاري إلى أن المهرجان "يضم مشاركات عديدة ومتنوعة من ليبيا والمغرب والجزائر".

 ولــ "المالوف" في ليبيا مثلاً تقاليد ومناسبات يقترن حضوره بها منها المولد النبوي الشريف، والذي تخرج فيه مواكب الزوايا الصوفية. أما في الجزائر فتشتهر به مدينة "قسنطينة" و"العيساوية"، وهو ما يدل عليه برمجة عرض "قسنطينة تغني". 

تاريخياً، يعد "المالوف" ركيزة التراث الموسيقي التونسي باعتباره مزيجاً فنياً بين المكونات الموسيقية المحلية والموسيقى التي جاءت مع هجرة الأندلسيين إلى شمال أفريقيا.

ويذكر المؤرخ حسن حسني عبد الوهّاب في الجزء الثالث من كتابه "ورقات" أن تاريخ "المالوف" هو تاريخ الهجرة الأندلسية إلى شمال أفريقيا، عندما بدأ نزوح المغاربة الأسبان إلى تونس في عهد الحفصيين (نسبة للدولة الحفصية).

وفي موضع آخر يقول أيضاً: "ذلك هو هجرة أهل الأندلس الأخيرة إلى القطر التّونسي - أوائل القرن الحادي عشر هجري - إذ أنّهم جلبوا معهم ما بقي لديهم من أغانيهم الكلاسيكيّة وألحانهم الشعبية."

كما يرى البعض أن الفضل في نشأة هذا الفن يعود إلى زرياب، الذي مزج بين  موسيقى البربر والإسبان والتصوف الإسلامي في لون واحد.

وتتكون مادة هذا الجنس الموسيقي من الشعر والموشحات والزجل والدوبيت والقوما الأندلسية، إلى جانب الإضافات اللحنية والنظمية المحلية والشرقية.

ومن تجليات التجديد والرغبة في مد جسور تواصل "المالوف" بين الأجيال هو :بيت المالوف"، وإحياء هذا المهرجان المغاربي، الذي يدل أن لهذه الموسيقى رواد يعملون على تجذيرها وتطويرها وإحيائها.

وكان الاحتفال بــ "المالوف" في تونس في عهدة "المعهد الرشيدي" المنبثق عن الجمعية الرشيدية (1934)، والذي يعتبر أول معهد موسيقي عربي في تونس والمغرب العربي أرسى دعائم التكوين الموسيقي الأكاديمي لموسيقى "المالوف".

ميادين - الميادين نت

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال