ان مصداقية المرء عامل حاسم في الممارسة السياسية، و الاستحقاقات الانتخابية القادمة افق جماعي محكوم بطبيعة العرض السياسي المقدم من طرف الاحزاب السياسية. و ذلك يتشكل انطلاقا من العلاقة بين الوعود و الشعارات الانتخابية و بين محصولها المنجز الواقعي. كما .. لا شك في أنّ الأرقام الانتخابوية تدخل في اطار المزايدات السياسوية.
إي و ربي .. ما انفكت فلول القيادات الشعبوية مُظْهِرةً قدرةً كبيرة على التدليس السياسوي من خلال تورية المشاكل الحقيقية ، و اختلاق مشاكل وهمية التي تحجب الانتظارات الحقيقية للمواطنات و المواطنين. فالمنظومة الحزبية بمختلف أجنحتها المتصارعة، قد نجحت في جر لجنة شكيب بنموسى ذاتها إلى التفكير و العمل بمنطق سياسوي لحظي، بدل التفكير المبدع في وثبة الاقلاع الشامل.
لقد بدات المؤشرات الاولى من تبيان التشكيك في نوايا القيادات الحزبية ، التي تسعى بِتوظيف الدعم العمومي لضرب المعارضة الداخلية و سحقها، بغرض التمكين لفلذات أكباد القيادات الحزبية، للحصول على الغنيمة الاولى المؤهلة للاستوزار في الحكومة.
نعم .. قد بات بلوغ الحكومة غاية عوض ان يكون وسيلة ، لكون المنظومة الحزبية بدون مشروع مجتمعي علمي–عملي رصين. و كلنا قد عاينا التحالف الحكومي الذي لم ينقطع فيه التراشق ، و لم يخرج النقاش السياسي من السجال العقيم بين الائتلاف الحكومي. و هكذا عطلت القوانين و حصل الجميع في مكيدة شرود تشريعي و تدبيري. بعد فقدان الحزب الذي يقود الحكومة أغلبيته دون ان يتجه رئيس الحكومة للاستقالة.
ورغم إقالة الوزراء المقصرين، فلا احد اعترف بالمسؤولية السياسية بل هناك من اتجه الى التشكيك في بواعث إقالته و بقي يزايد من موقع المعارضة. بل ينتظر اليوم نصيبه من الحكومة المقبلة.
لذا وجبَ طرحُ السؤال : كيف حال التوازن السياسي بعد عقد من العمل بدستور 2011؟!. و الأكيد أن العشرية الحكومية السوداء لم تفرز نخبة سياسية واعية و مسؤولة، تطبق المعادلة الدستورية المتمثلة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، في ظل طغيان ثقافة التهرب من المسؤولية السياسية. إذ كيف لنخب سياسية صنعها الفساد ان تُسقط أعمدة الفساد. فلا حظ للقيادات الشاردة في شرف مكافحة الفساد.
ولكي نضمن النجاعة المطلوبة يجب أن ينطلق التطهير من المنظومة الحزبية لكونها أصل الداء و المُعَطِّلَة لتوطيد الاختيار الديمقراطي.
كما أن الجميع، قد لاحظ كيف تم تحوير اختصاصات الحكومة في التعيين في المناصب العليا . حتى أصبح ريعًا تتقاسمه قيادات أحزاب التحالف الحكومي، و اضحت العديد من الادارات ملحقات حزبية تبدع في تعيين الفاشلين والفاسدين؟.
لقد تمكن داء فقدان الثقة في السياسيين من جسد المنظومة الحزبية. و ها نحن نطرح التساؤل من جديد: هل التنافس السياسي حاصل على “مصلحة المغرب العليا” كما يزعم الجميع؟ أم أنه مجرد ديكور شكلي يخفي دهاليز الوصول إلى رئاسة الحكومة .
إن تسمية الامور بمُسمياتها، يقتضي الاقرار ان المنظومة الحزبية بحاجة الى رجة حقيقية غير مُصطنَعة، رجة مدخلها الأساس إسقاط الفساد قبل أنْ يُسْقِطَ الوطن المغربي. لكون العديد من المؤشرات تشير إلى استحالة بلورة و تطبيق نموذج تنموي جديد، عبر التمديد لنخبة حزبية بالية و فاشلة هي التي ترعى الفساد. بل .. و قد كان وسيلتها غير المشروعة للوصول للمؤسسات المنتخبة.
فاعادة الثقة تقتضي لزوما احداث قطيعة ظاهرة مع الممارسة السياسية بشكلها الحالي. و كذا إعمال أحكام الدستور المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة. و التي من شانها تأطير عرض سياسي جديد يقطع مع تقادم النخب التي نهلت من ثقافة المزايدة و الريع بدون إنجازات تدبيرية. إذ هكذا يظل املنا كبير في تحقيق الطموح الجماعي ببلوغ مصاف الدول الصاعدة .
بعد أن تأخر قطار الإصلاح الحزبي الديمقراطي، نتيجة تحويل عبارة : إسقاط الفساد إلى شعار انتخابي ، تردده حناجر نخبة سياسية فاشلة، قد دأبت على تحويله إلى شعار استهلاكي في سياق الحملة الانتخابية المُضلّلَة. إذ لم يكن حامله الحزبي قادرا على تجسيده ميدانيا. وذلك نظرا للفشل الحكومي في التعامل مع هذا المدخل التنموي المبين ..فشل حكومي في محاربة الفساد الذي اخترق مرافق الدولة في ظل إقرار غير معلن بالعجز عن محاربته.
إن الإعمال الصارم للقانون هو الخطوة المطلوبة من أجل القطع مع المنظومة القديمة و قيادتها الفاسدة و مواجهة المركب المصلحاتي، فمكافحة الفساد تكون بالفعل و ليس بالكلام و الهرطقة و السفسطة. ثم اللجوء إلى التوافقات الداعية الى توقيف المتابعات القضائية ضد بعض المشتبه فيهم بالفساد. و تالله إنها ردة حزبية سياسية تدعونا للتعايش مع الفساد.
وبما أن المد الشعبي غاضب من سطوة الفساد الحزبي و رافض للسياسات الحكومية التي أثقلت كاهل المواطن. فيجب على المترشحين للانتخابات إثبات جدارتهم في نظافة اليد و احترام الدستور. إذ أن (الفساد) مجرد ورقة انتخابية موضوعة في خانة الوعود الكاذبة.
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال