الفنانة التشكيلية دينا ريحان ترى أن خارطة متذوقي الفنون التشكيلية باتت أوسع وأكبر وأكثر تفاعلا مع الحركة التشكيلية في مختلف البلدان العربية.
تزخر الحركة التشكيلية العربية بالعديد من التجارب التي يبقى الكشف عنها أمرا ملحا، وقد تمكن فنانون كثيرون من كسر حاجز “الشللية” التي تتحكم في المعارض والتظاهرات الفنية العربية، من خلال “السوشيال ميديا” الذي بات منبرا فنيا غاية في الأهمية. وهذا ما تؤكده الفنانة التشكيلية المصرية الدكتورة دينا ريحان.
تقول الفنانة التشكيلية المصرية الدكتورة دينا ريحان إن التشكيليين العرب متوحدون في المعاناة، وإن واقع الفنانين العرب لا يتغير من بلد إلى آخر، مشيرة إلى أن الحركة التشكيلية العربية تنتظر مستقبلا أفضل مدفوعة بالكثير من النجاحات التي تتحقق في المشهد التشكيلي العربي.
وتؤكد الفنانة أنه بالرغم من معاناة التشكيليين العرب جراء وجود صعوبات في تسويق أعمالهم، وسيطرة مجموعات محددة على حركة المعارض والملتقيات، وتكرار نفس الشخوص والأسماء، نتيجة انتشار ما بات يُعرف بظاهرة “الشللية”، إلا أن الحركة التشكيلية العربية تنتظر مستقبلا أفضل، مدفوعة بالكثير من النجاحات التي تتحقق في المشهد التشكيلي العربي، وظهور وجوه تشكيلية عربية تمتلك أدواتها بقوة.
حالة جديدة
ترى ريحان، في لقاء معها على هامش مشاركتها بسيمبوزيوم جامعة الأقصر في صعيد مصر والمقام معرضه حاليا في كلية الفنون الجميلة بمدينة الأقصر، أن انتشار “السوشيال ميديا” ساهم بدور كبير في شهرة الكثير من الفنانين التشكيليين، وزاد من نسبة تسويق الأعمال الفنية، وخلق حالة جيدة من التواصل فيما بينهم، وفتح حالة من التواصل الجيد مع الجمهور.
وحول المرأة والرجل ودورهما في الحركة التشكيلية، ومدى حضورهما في أعمالها الفنية، تقول ريحان إنها لا تؤمن بوجود فن نسوي وآخر ذكوري، وتؤمن بأن الفن هو الفن دون تصنيف والمهم أن يكون الفن “معجونا بالهوية”، مشيرة إلى أن الرجل حاضر بقوة في منحوتاتها بجانب المرأة، وبذات الحضور لكل منهما، وأنها تتناولهما برؤية إنسانية بحتة.
وتضيف أنها حين تبدأ نحت عمل ما، فإنها تطلق العنان لأفكارها، وكثيرا ما تبدأ بتنفيذ فكرة ما ومع العمل تنتهي تلك الفكرة بعمل فني آخر مختلف.
الفنانة تأثرت كثيرا في أعمالها بالعمارة المصرية القديمة والجديدة وخاصة عمارة الإسكندرية مسقط رأسها ومقر إقامتها
وحول مدى تمتع الفنانات التشكيليات العربيات بمساحة كافية من الحرية، ترى ريحان أن الحرية الفنية موجودة لكنها تكون لدى المرأة على استحياء، لكن رغم ذلك الاستحياء، إلا أن هناك بالفعل حالة من الوعي والاستيعاب المجتمعي للفن التشكيلي. وتضيف أن خارطة متذوقي الفنون التشكيلية باتت أوسع وأكبر وأكثر تفاعلا مع الحركة التشكيلية في مختلف البلدان العربية.
وتعبر الفنانة عن أملها في أن تشهد الحركة التشكيلية العربية المزيد من الملتقيات والمعارض وصالات العرض أيضا، وأن يكون هناك على الدوام تنوع في الحضور والمشاركين، من أجل اتساع دائرة المشاركة والتفاعل، وإتاحة الفرصة للمزيد من تبادل الرأي والتجارب والخبرات بين الفنانين التشكيليين، واصفة المعارض والملتقيات بأنها تخلق حالة من التلاحم بين الفنانين، وبخاصة تلك التي تضم وجوها من مختلف الأقطار العربية والأجنبية أيضا.
أنسنة المعمار
حول موضوعات منحوتاتها، تقول ريحان إنها تأثرت كثيرا في أعمالها بالعمارة المصرية بوجه عام، وعمارة الإسكندرية مسقط رأسها ومقر إقامتها وعملها في الجامعة، وأن التماثيل المصرية القديمة، التي امتزجت بعمارة المعابد، بجانب المعابد اليونانية والرومانية في الإسكندرية، وتشبعها بثقافة البحر المتوسط، جميعها موضوعات صارت هي المفردات التي تستلهم منها منحوتاتها.
وتكشف الفنانة عن أنها مشغولة بـ”أنسنة العمارة” ومتأثرة كثيرا بظل التماثيل والمباني، في عمارة روما وفنونها، وكثيرا ما تجد نفسها وقد أخذها الشغف بالعمارة والتماثيل إلى “البحث عن شخوص يختبئون بداخل الكتل”، لافتة إلى أن الإنسان أحد المحاور الرئيسية لمنحوتاتها.
وهذا ما يؤكده الناقد رمضان عبدالمعتمد في مقال سابق له حيث يعتبر أن “المتأمل في تجربة دينا ريحان يجدها تسعى دائمًا نحو التأكيد على مفهوم العضوية والهندسية في آن واحد، وهو ما يؤكد صدقها في أنسنتها لأعمالها المعمارية الخزفية، ولعل الشاهد على ذلك تلك الأطروحات التشكيلية من خلال التبسيط الذي نجده واضحا في تفاصيل كتلها المعمارية”.
ويرى الناقد أن في أعمال الفنانة تتعانق الخطوط المستقيمة والمنحنية والمنكسرة والمنسابة والدائرية لتعطينا نسقًا جماليًا يؤكد على مفهوم العمارة العضوية، والمدقق في تجربتها يستشعر أيضًا صفة الصرحية التي تتميز بها أبنية العمارة الإسلامية والقبطية فى مصر في الأزمنة القديمة.
انتشار "السوشيال ميديا" ساهم بدور كبير في شهرة الكثير من الفنانين التشكيليين، وزاد من نسبة تسويق الأعمال الفنية
كما يرى عبدالمعتمد أنّه “ثمة حضور قوي للشكل الإنساني الذي تجاوز المتخيل من خلال ولوجه داخل الكتل المعمارية التي أنجزتها الفنانة دينا ريحان بسيمبوزيوم جامعة الأقصر الأفريقي 2020، وما يميز تجربة دينا هو تفهمها الشديد لمفهوم التجريد، ولأن التجريد في معناه هو تبديد للمعنى، فإننا نجد ذلك واضحًا وجليا في طرحها البصري الذي يتجلى فيه صدق التشكيل الذي يجد له مرجعية حضارية من العمارة الإسلامية والقبطية في مصر”.
يذكر أن الفنانة التشكيلية الدكتورة دينا ريحان هي نحاتة وخزافة مصرية ومدرّسة النحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، حصلت على الدكتوراه في تخصص النحت الخزفي حيث أجرت بحثها وتجاربها الفنية في أكاديمية الفنون الجميلة بروما وجامعة كارديف ميتروبوليتان بإنجلترا، وقد أثرى تنقلها بين هذه الأكاديميات الفنية العالمية تجربتها الفنية وصقل موهبتها في العمل على خامة البورسيلن.
وشاركت الفنانة في العديد من المعارض والسيمبوزيومات وورش العمل المحلية والدولية، وهي عضو نقابة الفنانين التشكيليين وعضو بأتيليه الإسكندرية إلى جانب عضويتها بمؤسسات فنية دولية مثل sculpture network وInternational Sculpture Cente، ولها مشاركات فنية في بعض البلدان بجانب مصر، مثل إيطاليا وفرنسا.
مدونة ميادين الحرية عن موقع العرب اللندنية
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال