Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

مخيمات النازحين.. مشكلات وحلول

تختلف التركيبة الاجتماعية لقاطني مخيمات النازحين في العراق، وغيرها من البلاد العربية، من بلد إلى آخر، باختلاف الأسباب التي دفعت قاطنيها للمكوث فيها. لا أحد يختلف أن الحروب السبب الأساسي الذي دفع جميع النازحين إلى المكوث في المخيمات، غير أن هناك أسباباً أخرى أجبرت سكاناً معينين للنزوح، لا سيما في بلد مثل العراق معروف بتنوعه العرقي والديني والقومي.
استمرار مشكلة النازحين، وفتح المخيمات، يعيد إلى الأذهان المخيمات الفلسطينية التي تعتبر أبرز معالم وشواهد النكبة التي يعاني منها العرب امتداداً إلى يومنا هذا.
في العراق، تعتبر مخيمات النازحين أكثر تعقيداً من بقية دول العالم. اليأس والمعاناة والإهمال هو ما يسيطر على المخيمات منذ افتتاحها، والمشكلات تتفاقم وتزداد يوماً بعد يوم وهم يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة، وسط إهمال حكومي واضح، وعدم الجدية في حل هذه المشكلات، وإغلاق هذا الملف نهائياً. وهنالك أربع فئات من النازحين القاطنين في تلك المخيمات، وهم:
الأولى: نازحون من الأهالي فقدوا منازلهم جراء العمليات العسكرية التي شهدتها مناطقهم، وبسبب عدم وجود بدل سكن لهم، وغلاء إيجارات البيوت. يضاف إلى ذلك ضعف الحالة المعيشية لديهم، ما اضطرّهم إلى العيش في المخيمات، وهم سيعودون إلى منازلهم في حال تم إعمارها، أو إيجاد سكن لهم.
الثانية: يوجد في مخيمات النازحين عائلات دفعها الفقر والعوز المادي إلى المكوث فيها، فهذه العائلات ليس لديها مصادر رزق، خصوصاً مَنْ فقدوا مصادر رزقهم، كالمحال التجارية والمعامل التي كانوا يعملون فيها، وغيرها، خلال العمليات العسكرية، واضطروا إلى العيش في المخيمات، من أجل الحصول على بعض المساعدات والمعونات التي تأتيهم، فهي بالنسبة لهم أفضل من لا شيء.
الثالثة: هنالك نازحون يمنع عودتهم إلى مناطقهم، كسنجار وتلعفر ومناطق في سهل نينوى. هؤلاء أجبروا على ترك منازلهم خلال العمليات العسكرية، وسبب بقائهم في المخيمات هو عدم السماح لهم بالعودة إلى ديارهم، وأصبحوا مشردين يبحثون عن مأوى لهم، ولم تكن سوى المخيمات سكناً لهم.
الرابعة: المعضلة الأكثر تعقيداً تتمثل بعائلات تنظيم داعش الذين تم إخراجهم من منازلهم، وإجبارهم على العيش في المخيمات، عقاباً لهم، أو حفاظاً على أرواحهم من الثأر والانتقام، أو لكي يكونوا تحت أنظار الجهات الأمنية لمراقبة نشاطاتهم وتحركاتهم. وتعدُّ هذه الفئة الأكثر خطورة، لما سيترتب على بقائهم في المخيمات من مشكلات أمنية واجتماعية مستقبلاً.
من مصلحة تنظيم الدولة الإسلامية بقاء عائلاته في التجمعات السكانية المنعزلة، كونها أكبر تجمع سكاني لأنصار هذا الفكر الذي من شأنه إيجاد بيئة مناسبة لولادة الجيل الجديد من هذا التنظيم الذي سيكون أكثر إرعاباً وإرهاباً من سابقه.
أيضاً، بقاء هذه العائلات في هذه المخيمات مع فرض طوق أمني عليها، تجعل عناصر التنظيم مطمئنين على أرواح عائلاتهم من أي محاولات انتقامية، أو تصفيات عشائرية. وهذا يعني أنه ليس لدى التنظيم مشكلة من بقاء عائلاتهم في المخيمات.
ولإنهاء ملف النازحين، يجب أن تتم دراسة الأسباب التي دفعت كل فئة إلى العيش في المخيمات، وإيجاد الحل المناسب لها.
في ما يتعلق بالفئة الأولى من النازحين، يجب تعويض الأهالي الذين فقدوا منازلهم مادياً، من أجل إعادة بنائها، أو التعاقد مع إحدى شركات البناء الجاهز لبناء دور سكنية بسرعة عالية، وكلفة أقل، اختصاراً للوقت، وتوفيراً للمال، لإعادة النازحين في المخيمات إلى منازلهم. أما نازحو الفئة الثانية فمشكلتهم مادية، وما دفعهم إلى العيش في المخيمات هو الفقر والعوز المادي، وبإمكان الحكومة، أو حتى المنظمات الخيرية القائمة على إدارة المخيمات، دعمهم ببعض القروض الصغيرة لخلق مجالات وفرص عمل، مقابل تعهدهم بالخروج من المخيمات حال تقاضيهم القروض.
وفي ما يخص نازحي الفئة الثالثة، على الحكومة المركزية التدخل للسماح لهم بالعودة إلى مناطقهم في سنجار وتلعفر وسهل نينوى وغيرها من المناطق الأخرى. وكما هو معروف، فإن كثيراً منهم لم ينتموا إلى التنظيم، ومن لم يثبت انتماءه، أو تورطه مع التنظيم، فهذا له الحق في العودة إلى منزله، ولا يوجد مانع قانوني يحول دون عودتهم.
الفئة الرابعة والأخيرة تتمثل بعائلات التنظيم، ومن الضروري جداً تفريقهم، والسماح لهم بالسكن في أماكن مختلفة، بشرط أن يبقوا تحت الرقابة الحكومية، وأن تكون هناك تعهدات من قبلهم بعدم تغيير مناطق سكناهم في حال استقروا في منطقة معينة. وكما ذكرنا أنه بتفرقة هذه العائلات، فإن الحكومة تضمن عدم تنامي هذا الفكر بشكل سريع، كما يحدث في المخيمات اليوم، أما رجوعهم إلى منازلهم، فهذا سيولد مشاكل بينهم وبين أهالي الضحايا الذين قتلهم التنظيم، فتكون هناك تصفيات انتقامية متبادلة يبقى فتيلها مشتعلاً لسنين.
إغلاق مخيمات النازحين ضروري، لما فيها من مشاكل اجتماعية واقتصادية وأمنية تجعل وضع العراق غير مستقر، وبقاء تلك المخيمات هو من أبواب الفساد المالي الذي تستغله بعض المنظمات والجهات المتنفذة، واستنزاف لموازنة الدولة بالمليارات سنوياً، وهذا يدل على أن هنالك جهات لا تريد إغلاق ملف النازحين، كونه يدر عليها أموالاً.
عمر الجبوري - العراق

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال