Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

قراءة في المشهد السياسي الجزائري ومستقبله

قلت في حوار مطول مع يومية الخبر حول المشهد السياسي الجزائري ومستقبله (عدد 14 آب – أغسطس 2018) رداً على سؤال حول نهاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة: “أنه بسبب الوضع الحالي المتردي وهبوط أسعار النفط، يمكن أن يقع أمر شبيه بمصر عام 2011، ويتم إستغلال ذلك من أطراف للتخلص من بوتفليقة والمقربين منه، وما يدفعنا إلى ذلك هو التشابه الكبير بين النظامين المصري والجزائري بسبب أن لهما بنية واحدة عند تأسيسهما بإختلاف زمني يقدر ببضعة سنوات فقط، ولهذا تشابه بنية النظامين ستؤدي إلى نتائج متقاربة، فلو نتتبع مسار الدولتين نلاحظ أنه كلما برزت ظاهرة في مصر ستعرفها الجزائر بعد سنوات”.
لا يمكن لنا التفصيل في التشابه بين الدولتين ونتركها لمقالة أخرى، لكن نشير أن الجزائر في عام 1962 تبنت النظام الناصري بكل حذافيره، بل حتى الرئيس هواري بومدين اختفى وراء بن بلة كما أختفى عبدالناصر وراء محمد نجيب. فمن المؤكد أن بومدين قد قام بذلك بسبب معرفته الدقيقة لما وقع في مصر ما بين عامي 1952 و1954 حيث كان يعيش فيها آنذاك قبل إلتحاقه بالثورة التحريرية. 
ويمكن لنا ذكر أن مصر عاشت أحداث كانون الثاني – يناير 1977 التي كادت أن تعصف بنظام أنور السادات، مما دفع هذا الأخير إلى فتح التعددية السياسية الشكلية، وهو نفس ماعرفته الجزائر بعد عشر سنوات تقريباً وبالضبط في تشرين الأول -أكتوبر1988، لكن لحق بهذه الأحداث عشرية دموية في التسعينيات من القرن الماضي، وهو ما يجعل البعض يرون أن مصر لم تعرف ذلك.
 لكن على العكس تماماً، فقد كان تلاعب السادات بالدين كما تلاعب النظام الجزائري قد أدى إلى عنف ديني أخذ حياة السادات ذاته الذي شجع التيارات الدينية للتخلص من الناصريين، كما أستغلها الشاذلي بن جديد للتخلص من البومدينيين. لكن لعل الفرق الوحيد أن العنف في مصر لم يأخذ أبعاداً كبيرة مثل الجزائر في التسعينيات، ويفسر ذلك بإختلاف طبيعة المجتمعين الجزائري والمصري، فالمجتمع الجزائري يغلب عليه طابع العنف والثورة والتمرد على عكس المجتمع المصري المعروف بطبيعته الهادئة المغطاة بالنكتة، فحتى عند مقاومة الإستعمارات لدى الشعبين نلاحظ غلبة العنف الثوري لدى الجزائريين سواء ضد الإستعمار الروماني في القديم أو الفرنسي في القرن العشرين على عكس المصريين مع الرومان أو الأنجليز.
فكما عرفت مصر ظاهرة الفساد وظهور المليارديرات الذين أصبحوا يتحكمون في مسار الدولة، خاصة في عهد حسني مبارك، فإن الجزائر تعرف نفس الظاهرة تقريباً، خاصة منذ تولي الرئيس بوتفليقة السلطة، فلا داعي لذكر المعروفين من الأوليغارشية المالية الذين وضعوا في الواجهة كعلي حداد، لكن لما لا يتكلم الشعب عن الأشد تأثيراً مثل كونيناف وكوجيتي القريبين جداً من بوتفليقة قبلياً وعائلياً من دون ذكر أسماء عديدة أخرى.ً
سنعود في مقالة أخرى لإثبات نظريتنا حول تشابه مسار الدولتين والنظامين بسبب البنية التأسيسية لهما سواء في عام 1952 لمصر أو عام 1962 بالنسبة للجزائر. لكن ما يدفعنا إلى القول بأن من المحتمل جداً أن تعرف الجزائر في غضون شهور نفس ما عرفته مصر في يناير 2011، فيتم بذلك التخلص من بوتفليقة هي مظاهر عدة عرفها هذا الصيف. لكن قبل التطرق إليها نشير إلى أنه عشية وقوع ما يسمى بالربيع العربي أشارت دراسات غربية عدة بوقوع إضطرابات في دول عدة كما تشير اليوم إلى إحتمال ذلك في الجزائر حيث وضعتها الكثير من المؤسسات في الدرجة الأخطر.
 كما برز بجلاء وجود صراع تكتلات حول خلافة بوتفليقة، وهو ما يشبه الصراع بين المحافظين والإصلاحيين عشية أحداث أكتوبر – تشرين الأول 1988. إلا أن الخلاف بين الصراعين هو أن صراع الثمانينيات أخذ طابعاً أيديولوجياً وحول مشروع مجتمع على عكس صراع اليوم الخالي من كل ذلك. فهي معركة حول خلافة بوتفليقة والدفاع عن مصالح خاصة، فهناك تكتل داخل النظام مدعوم من أحزاب خارجه يعمل من أجل التخلص منه بدفع الجزائريين إلى إضطرابات متحكم فيها، مما يمكن أن يدفع الجيش للتدخل كي يعيد الإستقرار، ويضحي ببوتفليقة وحاشيته ككبش فداء كما وقع في مصر عام 2011.
ويبدو ذلك جلياً من إستفززات غير مفهومة للشعب آخرها تضخيم قضية الكوليرا في الجزائر، فليعلم الجميع أن الجزائر تعرف ضحايا الكوليرا كل صيف من دون الإعلان عن ذلك، وهو يعود إلى عوامل عدة، ومنها عجز الدولة عن توفير المياه الصالحة للشرب وظاهرة القاذورات والمياه القذرة المنتشرة حتى في وسط المدن بسبب ضعف الكفاءات التي تسيّر الشأن العام، فعادة الذين يصلون إلى المسؤوليات سواء المحلية أو الوطنية هم رديئون جداً وعديمو الكفاءة والأخلاق بسبب نظام مبني منذ عام 1962 على إقصاء الكفاءات والقوى الوطنية والإعتماد على الولاءات الجهوية والعشائرية في تعيين المسؤولين من دون أن ننسى التزوير الفاضح للإنتخابات سواء المحلية أو الوطنية.
كما يمكن لنا أن نضيف عملية بدونة وترييف المدن نتيجة الهروب الكثيف إليها من الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، مما أدى إلى تحكم وتأثير هؤلاء على الحضر على عكس ما كان يحدث في الماضي، حيث كان المهاجرون من الأرياف والبوادي يتمدنون بعد فترة، ويتأثرون بالحضر. طبعاً نحتاج إلى بن خلدون لتفسير هذه الظاهرة، وقد كتبت يوماً مفسراً بأن ظاهرة “جبهة الإنقاذ الإسلامية”FIS)) المنحلة والجماعات الإرهابية قويm في المدن، لأن البدو والريفيdن هم الذين هاجروا إلى المدن من قبل، وعاشوا بؤساء على حوافيها، ولم يتمكنوا من التأقلم مع طبيعة الحضر والمدينة، بل حتى الذين أخذوا السلطة في uhl 1962 هم الريفيون وليس المدينيون، فهذا أيضاً موضوع آخر قد سبق لنا أن تناولناه من قبل في مقالات عدة.
لكن ما يهمنا هو عدم تحدث وسائل الإعلام عن وفيات الكوليرا في السنوات الماضية على عكس هذا العام إذ أخذت طابعاً تضخيمياً كبيراً كمحاولة لدفع الشعب إلى الغضب، وخاصة إرتباط ذلك بصور عن الشكوى من ضعف الخدمات الطبية في المستشفيات وترك المصابين لمصيرهم، وغرابة الأمر أنه في نفس الفترة، يعلن بشكل مضخم عن ذهاب بوتفليقة إلى سويسرا لإجراء فحصوات روتينية، مما سيزيد الشعب غضباً وتذمراً أكثر، إضافة إلى إرتباط هذا التذمر بالتأثير الكبير للكوليرا على الفلاحين بسبب رفض الشعب شراء منتجاتهم خوفاً من الإصابة بالمرض، وهو ما سينذر بأزمة فلاحية كبيرة في مستقبل الأيام.
ونضيف إلى ذلك قضية الكوكايين وفقدان الثقة في النظام الذي أصبح الشعب يراه أنه وقع في قبضة مافيا مالية لا تتوانى حتى على المتاجرة بالمخدرات، ولعل هذا ما دفع نائب وزير الدفاع الوطني وقائد الأركان العامة للجيش قايد صالح إلى عملية تطهير داخل مؤسسات أمنية، كي يبعد الشبهة عن الجيش الذي ينتظره دور كبير في حالة وقوع إضطرابات، ويحتاج إلى ثقة شعبية فيه. كما استغلت قضية الكوكايين للتخلص من الكثير من المقربين من كتلة الرئيس بوتفليقة، وعلى رأسهم عبدالغني الهامل مدير الأمن الوطني المقال.
وتعددت القراءات حول التغييرات الكثيرة التي وقعت في المؤسسة العسكرية مؤخراً، فربطها البعض بإستغلال قضية الكوكايين للتخلص من بعض الشخصيات المؤثرة فيها، لكن بقي التساؤل هل هي في صالح جماعة بوتفليقة أم على عكس ذلك؟
لا يمكن لأحد الإجابة على هذا السؤال إلا من يعرف جيداً كيف يسير النظام في الجزائر، فالمجتمع الجزائري مبني على صراع تكتلات، بما فيه النظام، لكن كلما انتصر تكتل على تكتل آخر، يبرز إنشقاق داخل التكتل المنتصر، ليبدأ صراع آخر وهلم جراً. وهذا ما كان يقع في الجزائر منذ الثورة، بل يمكن لنا القول منذ الحركة الوطنية الإستقلالية، وقد أبرزت هذه الظاهرة، وتتبعتها بدقة وبتفاصيل في كتابي “الجزائر في دوامة الصراع بين العسكريين والسياسيين”. لكن في بعض الأحيان تخرج قوة ثالثة ضد التكتلين المتصارعين، فتقلب الموازين وتقدم الأمور إلى الأمام كما وقع عشية ثورة تشرين الثاني – نوفمبر 1954 بظهور اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي تجاوزت المركزيين والمصاليين على حد سواء، أو كما فعلت مجموعة وجدة بقيادة بومدين على حساب صراع كريم بلقاسم من جهة وبوصوف-بن طوبال من جهة أخرى عشية إسترجاع الإستقلال.
لم يستمر بوتفليقة في السلطة بعد مرضه إلا بالدعم الذي لقيه من قائد الأركان العامة وكذلك من أوليغارشية مالية تغولت في دواليب الدولة، ولها تأثير كبير في صناعة القرار من دون أن ننسى العامل الخارجي. كما تمكن هذا التكتل من دحر تكتل محمد مدين أو الجنرال توفيق الذي أراد إقالة بوتفليقة بعد مرضه وخوفاً من إندلاع ربيع عربي في الجزائر. لكن هل لا يزال تكتل مجموعة الرئيس متماسكاً أم ظهر عليه إنشقاق كما هي طبيعة كل تكتل بعد تخلصه النهائي من التكتل الذي يتصارع معه؟ الأيام المقبلة ستجيب على ذلك.
ونلاحظ أنه في مقابل الذين يدفعون إلى الإضطراب المتحكم فيه للتخلص من بوتفليقة وجماعته، نجد جماعة الرئيس تعمل على منع حدوث أي إضطرابات تستغل لإقالته والتخلص من جماعته نهائياً، وهو ما يظهر من خلال الحفلات الغنائية التي أعتاد الجزائريون عليها كل صيف. لكن هذه السنة عرفت ظاهرة عودة تيارات دينية لإيقافها بإقامة الصلوات أمام قاعات الحفلات، فما ذلك في الحقيقة إلا محاولة من جماعة الرئيس لتخويف الشعب من عودة الإرهاب الذي تقول عنه إن بوتفليقة هو وراء القضاء عليه وإعادة السلم والإستقرار. وبتعبير آخر إستغلال التسعينيات لتخويف الشعب ومواجهة أي محاولة لإضطرابات إجتماعية، فلا يمكن لأي كان أن ينفي أن الهاجس والخوف من إرهاب تسعينيات القرن الماضي كان ولا يزال عاملاً رئيسياً في رفض الجزائريين الإنسياق وراء أي دعوة للخروج إلى الشارع أو إضطرابات. فجماعة بوتفليقة تستغل ذلك وتستند إليه للإبقاء على سلطتها وجلب أكبر مكاسب لها، هذا إن لم تكن وراء تشجيع إنتشار التيارات السلفية المتشددة كي تبقى لتخويف الشعب بها، وخاصة القوى الوطنية الديمقراطية الحداثية منها، كما أن هذه التيارات تشكل القاعدة الإجتماعية للنظام البوتفليقي، ولعل البعض يتساءل كيف ذلك؟.
إعتمد هذا النظام على تشجيع الكمبرادور، أي كبار المستوردين المرتبطة مصالحهم بالقوى الرأسمالية الكبرى، وخاصة فرنسا، فهؤلاء يسوقون منتجات مصانع هذه الدول الرأسمالية فيقوون إقتصادها على حساب الإقتصاد الوطني، فهؤلاء المستوردون الكبار هم على رأس نظام هرمي يمتد منهم عبر وسطاء من الموزعين الكبار والمتوسطين للسلع التي يستوردها الكبار حتى تصل في قاعدة الهرم إلى صغار الباعة لهذه السلع في السوق الموازية خاصة. فليلاحظ الجميع أن أغلبية هؤلاء الباعة من السلفييين، فكل هؤلاء وعائلاتهم مؤيدون للنظام البوتفليقي لأن مصالحهم المعيشية البسيطة مرتبطة بهؤلاء الكمبرادور، أي المستوردون المدعومون من النظام البوتفليقي الذي يسكت عن هؤلاء الباعة الذين لا يدفعون أية ضريبة.
ويفسّر لنا هذا التحالف الدعم غير المفهوم من الجزائر للسعودية ضد دولة كندا التي نددت بقمع حقوق الإنسان في السعودية. فكان من المنطقي أن تقف الجزائر موقفاً محايداً، أو لتسكت على الأقل كي تحافظ على علاقاتها ومصالحها مع الجميع، لكنها أصرت على إصدار بيان غريب مؤيد للسعودية، وهو أمر لا يتقلبه أي مبدأ دبلومسي. فلما ستعادي الجزائر كندا التي تعيش فيها جالية جزائرية معتبرة، والتي للجزائر مصالح كبيرة معها؟
ويمكن أن يفسّر البعض الموقف الجزائري بحماية النظام لنفسه من أي تدخل حول حقوق الإنسان مستقبلاً، وهو ما ينبيء بوجود نوايا للمساس بها بشكل مفرط، لكن لا نستبعد بأن هذا الموقف الجزائري وغيرها من المواقف ستكسب نظام بوتفليقة دعماً سعودياً لدى الدوائر الأميركية، إضافة إلى دعم ما أسميها بـ”الجالية السعودية في الجزائر” الذين هم جزائريون، لكن ولاءهم للسعودية أقوى، وهم بإمكانهم التأثير في المجتمع عند أي محاولة للتخلص من بوتفليقة والقريبين منه بحكم تأثيرهم الديني المتزايد.
وما يدفعنا إلى دعم أكثر لقرءاتنا هو التهويل والتخبط الملاحظ على أحزاب المولاة وإلحاحها على ترشيح بوتفليقة لعهدة خامسة بشكل مفرط، لأنها تعلم في الحقيقة أن هناك محاولات للتخلص منه وإنهاء نظامه، وهو ما سيهدد مصالح الواقفين وراء هذه الأحزاب المتمثلين في رجال المال الفاسد الذين استفادوا بشكل مريع من فترة حكم الرئيس بوتفليقة، وهم شديدو الخشية على مصالحهم.
ولا ننسى الإشارة إلى عامل مهم سيدفع بالجزائر إلى إضطرابات، بل يمكن القول إلى “ربيعها” الذي سيتحول حتماً إلى خريف، والتي لم تعرفه في عام 2011 كباقي دول المنطقة، فهذا العامل هو إصرار بوتفليقة على التوريث، فكل محاولة توريث للسلطة في أنظمة جمهورية تثير حزازات لدى أطراف وعناصر في السلطة، ترى نفسها بأنها الأحق بالخلافة بحكم وجودها في دواليب الدولة منذ فترة طويلة جداً. فهي تتساءل كيف يخلف الرئيس أناس مرتبطون به فقط بالدم والقرابة العائلية؟، فهؤلاء يدفعون بشكل غير مباشر إلى الإضطرابات للتخلص من مشروع التوريث، فكل الدول التي عرفت الربيع العربي في عام 2011 هي الدول التي كان فيها الحديث عن فكرة توريث السلطة، فهذه الفكرة عامل رئيسي لما سمي بـ”الربيع العربي” الذي تحول إلى خريف دموي، فخرجت دول من التاريخ نهائياً بحكم تدخل أطراف داخلية ودولية فيها.
ولهذا فلنعمل من أجل تجنيب الجزائر ذلك، فكل إضطراب سيصحبه عودة ما نسميها بالعصبيات الدينية واللغوية والقبلية والجهوية، فمجتمعاتنا لم تدخل بعد مرحلة السياسة، بل هي مجتمعات ما قبل سياسية، لكن هذا ليس معناه إستمرار هذا النظام البوتفليقي الذي سيدفع بالجزائر إلى الهاوية عاجلاً أم آجلاً، فالحل ليس في تغيير تكتل بتكتل آخر، بل الذهاب إلى جمهورية ثانية والأخذ بفكرة “إعادة بناء الإجماع الوطني” التي تطرحها جبهة القوى الإشتراكية (الأفافاس) الذي ستؤدي حتماً إلى جمهورية ثانية بتغيير سلمي لميكانيزمات وآليات عمل النظام. فهذه الفكرة الأفافاسية قد طرحها المناضل الوطني الكبير حسين آيت أحمد رحمه الله في خضم ما سمي بـ”الربيع العربي”، لأنه كان على علم بالمخططات المحاكة بدول منطقتنا، فأراد إنقاذ الجزائر بدفع الجميع بمن فيهم السلطة للتوصل إلى إجماع وطني حقيقي وفعلي لنقل الجزائر إلى نظام ديمقراطي وإجتماعي بالإتفاق بين الجميع بمن فيهم السلطة على ذلك وبآليات عملية تحقق نظاماً ديمقراطياً من دون إهمال البعد الإجتماعي. لذلك، فهو مشروع يذهب إلى الحل الجذري للمشكلة، ولا يدخل في إطار لعبة التكتلات داخل النظام، كما تفعل بعض الأحزاب التي تطرح مبادرات، لكنها لا تغيّر شيئاً في طبيعة النظام السياسي الجزائري.
فلتجنيب الجزائر مأزقاً كبيراً وللوصول إلى فكرة إعادة إجماع كل الجزائريين بكل أطيافهم حول مشروع لإنقاذ الجزائر من مأزقها التي يمكن أن تؤدي إلى إضطرابات لا تحمد عقباها وتخرج جزائر الشهداء من التاريخ، فإنه يتطلب وجود أحزاب قوية ومؤثرة ومجتمع مدني بإمكانها هيكلة الشارع. فمع أي إضطرابات، فإن الجزائر ستذهب إلى الفوضى مباشرة لأنه لا وجود لأحزاب ومجتمع قادر على ضبط هذا الشارع. فلن يبقى إلا الجيش لضبط الأمور، لكن ما هو الثمن الذي سيدفعه لتحقيق ذلك؟
أليس من الأفضل تقوية الأحزاب السياسية نفسها بنخب كفؤة وترك الجيش يقوم بمهامه الدستورية والدخول في الإحترافية وعدم تكرار ما وقع في تشرين الأول أكتوبر 1988 وما بعده.
البروفسور رابح لونيسي باحث وأكاديمي جزائري – جامعة وهران.

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال