Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

طلبة المدارس في اليمن يرسمون في الأحلام بلدا سعيدا

الطلاب الذين استطاعوا العودة إلى مدارسهم في اليمن يتمنون أن ينتهي النزاع كي يدرسوا وينجحوا ليصبحوا أطباء ومهندسين وطيارين ليفيدوا بلادهم التي تعاني الفقر.
في الباحة الرئيسية لمدرسة “الوحدة” قرب ميدان التحرير وسط صنعاء، يتجمّع الطلاب صباحا لأداء النشيد الوطني، تحيط بهم نوافذ محطّمة الزجاج على جدران مبنى تراثي تعرّض لأضرار جزئية.
وما أن يدقّ الجرس معلنا انطلاق اليوم الدراسي، حتى يهرول الطلاب الذين ارتدوا زيا زيتي اللون يشبه الملابس العسكرية، إلى صفوفهم المزدحمة، اثنان على مقعد واحد، أو ثلاثة، وحتى أربعة.
الساسة لا يخططون لمستقبل البلاد كما يفعل الأطفال الذين يحلمون بالدراسة والتخرج والعمل كوادر في اختصاصات مختلفة كالهندسة والطب والقانون، ولا يحلمون بأن يكونوا سياسيين، ربما لأن السياسة ليست مهنة، فالسياسي لا يبني الجسور والعمارات، ولا يداوي المرضى ولا يقيم العدل في المحاكم، فهي اختصاصات تجعل اليمن سعيدا كما يتمنى الأطفال في المدارس.
عاد طلاب في اليمن هذا الأسبوع إلى المدارس التي استطاعت فتح أبوابها، لكن مئات آلاف آخرين بقوا خارج أسوارها بسبب النزاع، بينما يهدّد الانهيار الاقتصادي الناجم عن الحرب بحرمان الملايين من التعليم. مختار يحيى (15 عاما) حضر دون ارتداء الزي الموحد، لكنه يشاطر باقي الطلاب الأمل في أن يمضي العام الدراسي الجديد بسلام.
وقال مختار طالب من بين نحو 70 من زملائه في قاعة الدراسة الصغيرة، “أتمنى أن تنتهي الحرب كي ندرس ونجتهد ونكمل دراستنا وأن نصبح أطباء ومهندسين وطيارين”. وأضاف “إن شاء الله نكون في أحسن حال ونكمل مستقبلنا”.
يشهد البلد الفقير منذ 2014 نزاعا داميا على السلطة بين قوات حكومة معترف بها دوليا، ومتمردين يسيطرون على العاصمة ومناطق أخرى. وتسبّب النزاع في تدمير الاقتصاد، وانهيار القطاع الصحي، وقد عجز القطاع التربوي عن إبقاء الطلاب في مدارسهم.
المدرسة تحرر البنات
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في سبتمبر الحالي إن 2500 مدرسة من بين نحو 16 ألفا هي خارج إطار الخدمة حاليا، 66 بالمئة منها تضرّرت بسبب أعمال العنف، و27 بالمئة أغلقت أبوابها كليا، بينما تستخدم 7 بالمئة ملاجئ للنازحين أو معسكرات لأطراف النزاع.
وحرم توقّف هذه المدارس عن العمل 1.84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1.6 مليون طفل آخرين لا يرتادون المدارس منذ فترة ما قبل النزاع (بحسب أرقام سنة 2017). ويبلغ عدد سكان اليمن أكثر من 27 مليون نسمة، نصفهم دون سن الـ18.
وإلى جانب هؤلاء، حذّرت “يونيسف” الشهر الحالي من أن أربعة ملايين طالب آخر يواجهون خطر الحرمان من التعليم، خصوصا في المحافظات الشمالية الخاضعة في غالبيتها لسيطرة المتمردين، بسبب عدم تلقي 67 بالمئة من الأساتذة رواتبهم منذ عامين.
وقال طه عقبة (14 عاما) في مدرسة “الوحدة” إن لديه “رسالة للعالم” في بداية العام الدراسي “بالعمل على إيقاف الحرب، لنكوّن جيلا لمستقبل زاهر”. على مقربة من مدرسة “الوحدة”، ينكبّ علاء ياسر (15 عاما) على تصليح سيارة في مركز لإصلاح الآليات، وهو عمل يمارسه منذ عام حين نزح مع عائلته من مدينته تعز في جنوب غرب اليمن هربا من المعارك.
يقول علاء والى جانبه والده الذي يعمل هو أيضا في المركز ذاته، “نزحنا من تعز إلى صنعاء بسبب الحرب، والآن توقفت عن مزاولة الدراسة لأني أعمل مع أبي حتى أوفر لقمة العيش لأفراد العائلة”. أما محمد هشام السقا (12 عاما) فقد توقف هو أيضا عن الدراسة قبل ثلاث سنوات بعد وفاة والده، وفي ظل عجز والدته عن تأمين تكاليف تعليمه.
خطوات واثقة نحو الغد
ويوضح هشام، “أتمنى أن أذهب إلى المدرسة لكن منذ عام 2015 لا أستطيع ذلك لأن أبي متوفى وأمي غير قادرة على توفير الأقساط والأقلام والدفاتر وحتى الزي المدرسي لي ولإخوتي”.
وتشير الـ”يونيسف” إلى أن 70 بالمئة من الأطفال في اليمن يعيشون مع أسرهم تحت خط الفقر، وأن أكثر من نصف 2.9 مليون نازح هم من الأطفال، في وقت يتم تزويج 72 بالمئة من الفتيات قبل أن يبلغن سن الـ18. كما تقول المنظمة إن أكثر من 2630 طفلا جرى تجنيدهم من قبل القوات المتنازعة.
وفي مدرسة “سماء عدن” بالمدينة الجنوبية التي تعتبر عاصمة مؤقتة للسلطة المعترف بها دوليا، بدت قاعات الدراسة في أول أسبوع من العام الجديد أقل ازدحاما من مثيلاتها في “الوحدة” في صنعاء، وجدرانها أكثر بريقا، ألوان، وزهور، ورسوم لناطحات سحاب تشبه تلك التي تضمها مدينة دبي في الإمارات.
حمزة صابر سعيد (12 عاما) وهشام معاد (12 عاما) زميلان في صف واحد، ويرتديان القميص الأزرق نفسه، لكن لكل منهما أحلام مختلفة عن الآخر، حمزة يريد أن يعيد بناء ما دمّرته الحرب، وهشام يتطلّع إلى أن يدافع عن حقوق من ظلموا.
وقال حمزة والعرق يتصبب من جبينه بعدما كان يشارك في حصّة رياضية، “طموحي أن أواصل الدراسة.. حتى أحصل على شهادة جيدة ومستقبل رائع وأكون مهندسا معماريا وأبني مباني عالية”. وأوضح هشام من جهته قائلا، “أريد أن أكون محاميا في المستقبل.. وقد اخترت مهنة المحاماة لكي أدافع عن حقوق الناس وأخدم الوطن”.
ميادين الحرية - العرب

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال