Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

ما أشبه ديمقراطية المنشأ بديمقراطية الحاضر

في مفهومها العام تعتبر الديمقراطية أحد أشكال الحكم التي يشارك فيها، نضريا، جميع المواطنين المؤهلين، حسب قانون كل دولة، على قدم المساواة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال ممثلين عنهم منتخبين وذلك بتوظيف آلية الانتخابات، في تشكيل سلطتين تنفيذية وتشريعية
مهمة الأولى تقديم مشاريع قوانين تهم مختلف المجالات وتسيير الشأن العام وفقها، وتقوم الثانية باقتراح قوانين ومراقبة عمل السلطة التنفيذية... 
وهي بهذا المعنى السائد، تعتبر آلية فقط لإنتاج السلط وفق اختيارات المواطنين "الحرة"، ويصبح معناه ضيقا لا يتجاوز "الديمقراطية التمثيلية"، بدل معناها الأوسع الذي يتمثل في نظام جامع لما هو اقتصادي واجتماعي وسياسي وحقوقي ومؤسساتي وقيمي... يؤمن به "غالبية المجتمع"؛ مستمر في الزمن لا يخضع للظرفية والقراءة الضيقة لواقع الحال.
مصطلح "الديمقراطية" إغريقي المنشأ، و يعني "حكم الشعب" لنفسه. مصطلح قد تمت صاغته من شقين ديموس" الشعب"، وكراتوس "السلطة" أو "الحكم" في القرن الخامس قبل الميلاد للدلالة على النظم السياسية الموجودة آنذاك في اليونان، وخاصة أثينا. ورغم جاذبية فكرته؛ في تنزيله لم يكن كذلك: من كان يحق له تسيير الشأن العام الداخلي والخارجي، آنذاك، قلة محظوظة من النخبة، أقلية العدد رفيعة الطبقة، بالمقارنة مع باقي طبقات التصنيف الأخرى، أكثرية العدد.
وبتطور العصور تطور المفهوم خصوصا مع فلاسفة عصر الأنوار وبداية اضمحلال تسلط السلطة الدينية على القرار السياسي بمعناه الشامل. فبرزت مقاربات أكثر تطورا "للديمقراطية" مع مفكرين أمثال إيغفي نيدليك وجون لوك ومنتسكيو...، من خلال مقاربات فصل السلط وتركيبتها واختصاصاتها داخل الدولة  دعما لفكرة "السلطة والسلطة المضادة"، وحقوق الإنسان وكونيتها...
في الوقت الراهن، رغم تطور مفهوم "الديمقراطية" ليشمل عدة آليات كالديمقراطية التمثيلية، والتشاركية، والمباشرة من خلال "العرائض التشريعة..."، والمؤسسات الاستشارية...، يعترض تنزيله الفعلي، الهادف لفصل حقيقي للسلط، وامتلاك المواطن لحق المواطنة كاملا، وشيوع حقوق الإنسان في كونيتها والعدالة الاجتماعية في مختلف تجلياتها...، عدة إكراهات أهمها: عدم تملك جزء من المواطنين لثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان نتيجة نظام مجتمعي (أسرة، مؤسسات دينية، مدرسة، وسائل إعلام...) خلف مجموعة من الظواهر أبعد ما تفكر فيه شربة ماء ترويها وكسرة خبز تقيها حر الجوع بغض النظر عن طبيعة نظام الحكم السائد.
وتحت نظام الديمقراطية الليبرالية أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد والعشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا والأمريكتين والهند وأنحاء أخرَى. بينما يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديمقراطيّة (كالصين التي تدعي الديمقراطية الشعبية). فالديمقراطية تتناقض مع أشكال الحكم التي يمسك شخص واحد فيها بزمام السلطة ، كما هو الحال في نظام الحكم الملكي،أو حيث يستحوذ على السلطة عدد قليل من الأفراد، كما هو الحال في الأوليغارشية. ومع ذلك، فإن تلك المتناقضات المورثة من الفلسفة الإغريقية،هي الآن أفكار غامضة لأن الحكومات المعاصرة قد تحتوي على عناصر من الديمقراطية والملكية وأوليغارشية مختلطة معاً. كارل بوبر يعرف الديمقراطية على النقيض من الديكتاتورية أو الاستبداد، وبالتالي فهى تركز على الفرص المتاحة للناس للسيطرة على قادتهم والاطاحة بهم دون الحاجة إلى ثورة.
توجد عدة أشكال من الديمقراطية ، ولكن هناك شكلان أساسيان ، وكلاهما يهتم بكيفية تحقيق ارادة مجموع المواطنين المؤهلين لتلك الممارسة. أحدي نماذج الديمقراطية هي الديمقراطية المباشرة، التى يتمتع فيها كل المواطنين المؤهلين بالمشاركة المباشرة والفعالة في صنع القرار في تشكيل الحكومة. في معظم الديمقراطيات الحديثة، يظل مجموع المواطنين المؤهلين هم السلطة السيادية في صنع القرار ولكن تمارس السلطة السياسية بشكل غير مباشر من خلال ممثلين منتخبين، وهذا ما يسمى الديمقراطية التمثيلية. نشأ مفهوم الديمقراطية التمثيلية إلى حد كبير من الأفكار والمؤسسات التي وضعت خلال العصور الأوروبية الوسطى، وعصر الاصلاح، وعصر التنوير، والثورات الأمريكية والفرنسية.
عبد الحليم صابر

0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال