عاد
المستقبل العربي «قضية دولية» يقرّر فيها الآخرون في غياب أهلها الذين
يجدون أنفسهم، وهـم فـي حالتهم الراهنــة من الضعـف والتمزق والضـياع٬
أعـجز من أن يرفضوا، فيستسلمون «للإدارة الدولية» وكأنها القدر.
من هنا فإن قضية فلسطين، وهي جوهر الصراع العربي ضد الاستعمار الأجنبي، سرعان ما أسقطت هويتها، وتم تزوير حقيقتها لطمس هوية «العدو الإسرائيلي»، وأطلق على الصراع تسمية «أزمة الشرق الأوسط».
من هنا فإن قضية فلسطين، وهي جوهر الصراع العربي ضد الاستعمار الأجنبي، سرعان ما أسقطت هويتها، وتم تزوير حقيقتها لطمس هوية «العدو الإسرائيلي»، وأطلق على الصراع تسمية «أزمة الشرق الأوسط».
حذف بالقصد اسم «فلسطين» وشطبت هويتها العربية، وطمست هوية «العدو
الإسرائيلي» فإذا هي «أزمة»، مجرد أزمة، وإذا المنطقة مساحة جغرافية، مجرد
مساحة جغرافية لا اسم لها ولا هوية إلا من خلال موقعها بالنسبة لغيرها.
كأن هذا «الشرق الأوسط» بلا أهل لهم هويتهم المؤكدة عبر التاريخ، أرض مشاع يعطيه وجوده في هذه المنطقة الجغرافية، إلى الشرق من المتوسط تسميته المستولدة من البحر وموقعهم منه.
شُطب التاريخ بالجغرافيا، وصارت الشعوب في شرقي المتوسط أقواماً، أو جماعات، أو قبائل لا اسم لها ولا هوية جامعة، لم يكن لها عبر الزمان ما يميّزها عن غيرها ويؤكد ارتباطها بأرضها التي قسمها الأجنبي دولاً شتى، وليس لها مستقبل مشترك إن لم يكن واحداً موحداً كما تفرض حقائق التاريخ والجغرافيا.
لم يسأل أحد لماذا ليس للمتوسط غرب، مثلاً، وجنوب، وشمال! ولماذا تخصيص العرب بهذا الامتياز «الجغرافي» العظيم!
الطريف أن «قادة العرب» والعديد من مفكريه ومثقفيه، فضلاً عن سياسييه، اندفعوا يستخدمون التسمية ـ المبتدعة التي تستهدف هويتهم الجامعة وكأنها اسمهم منذ أن رمتهم المصادفة التاريخية في هذا الموقع الجغرافي. كما أنهم تجاهلوا إسقاط حقيقة أن هذه الجهة من المتوسط هي ـ بالمصادفة ـ بلادهم التي كانت بلادهم منذ مئات السنين.
لم تبدّل من هويتها الحروب الصليبية ولا الاستعمار التركي بالشعار الإسلامي، ولا حقبة الاحتلال الغربي في القرن العشرين.
من المغرب إلى سوريا، كانت لهذه البلاد هويتها الجامعة٬ وكانت فلسطين في موقع القلب. ثم إن العراق والجزيرة العربية وخليجها، ضمناً، وصولاً الى اليمن، كانت «عربية» بقوة الانتماء إلى الأرض، فضلاً عن كونها ذات تاريخ واحد، وإن استدخلت فيه حقبات استعمارية احتلت بعض الأرض، لكنها لم تستطع تغيير الهوية العربية الجامعة لأهلها ولا رابطة الدين الحنيف الذي تنتمي إليه أكثريتها الساحقة، والتي عاشت على مرّ السنين مع «أقليات» دينية أبرزها المسيحيون واليهود وصولاً إلى الازيديين والصابئة وبقايا أديان سابقة على الأديان السماوية الثلاثة.
طبعاً، لم يكن تغيير التسمية من «البلاد العربية» إلى «الشرق الأوسط» مصادفة أو خطأ ناجماً عن الجهل بالجغرافيا أو التاريخ، بل كان شرطاً لإظهار هذه البلاد وكأنها مجرد مساحة جغرافية تكون لمن يأخذها بالسيف. فكيف إذا كان خلف السيف قرار دولي يعتمده مجلس الأمن الدولي فيستولد ـ لأول مرة في التاريخ ـ والأرجح لآخر مرة ـ دولة باسم إسرائيل التي سوف يكون لها وحدها هوية محدّدة في هذه المنطقة المجهَّلة أسماء شعوبها ذات الهوية الواحدة!
تصير المعادلة واضحة: إسرائيل هي الدولة المجسّدة للإرادة الدولية، في حين أن الأقوام الأخرى (أي العرب) جاءت بهم الصدف التاريخية إلى هذه الأرض التي قامت عليها الدولة الأسطورة: مملكة لقبيلة يهودية في أورشليم، في زمن كانت فيه كل مدينة أو كل جهة من بلاد يمكن أن تصير «مملكة» بسيف شيخها أو أميرها.
المهم أن تسمية منطقتنا «المشرق العربي» التي هي بعض الوطن العربي الكبير، قد أسقطت عنها هويتها، فعلياً، عند الغرب، بعد إقامة الكيان الإسرائيلي بالقوة على أرض فلسطين ليصير اسمها الرسمي «الشرق الأوسط»... ثم تكرس اعتماد هذا الاسم دولياً بعد هزيمة الخامس من حزيران 1967.
هكذا اختفى اسم «فلسطين» من التداول، واختفت معه علاقة العرب بأرضهم، ببلادهم. حلت أسماء الدول التي تقاسمها مستعمرو ما بعد الحرب العالمية الأولـــى (وأساساً البريطانيون والفرنسيون) محلّ التسمية الجامعة. استنبت كيان في بعض الأرض السورية، فأعطته الجغرافيا اسمه (إمارة شرقي الأردن)، وتم تعديل الكيان اللبناني الذي كان منذ فتنة 1860 «متصرفية» لها شبه استقلال ذاتي داخل السلطنة العثمانية وبمتصرف مسيحي من رعايا السلطان، وربما لهذا السبب تناوب على هذا الموقع مجموعة من «المتصرفين» الأرمن.
أما كيانا سوريا والعراق فقد رسما بما يتناسب مع الاكتشافات النفطية والمطامع التركية. وهكذا رسمت على الأرض السورية تحت الانتداب الفرنسي أربع دول، مع تعليق مصير منطقتي كيليكيا واسكندرون لتقدَّما مع تفجر الحرب العالمية الثانية هدية مجانية لتركيا كي لا تنضمّ إلى «المحور» بقيادة ألمانيا النازية.
أما العراق فقد تمّ اللعب بموضوع السلطة، ثم كان الحل باستيراد الأمير فيصل بن الشريف حسين (الذي كان نصّب نفسه ملكاً على العرب، بتشجيع بريطاني، ثم خُلع مع تأكد انتصار الحلفاء على المحور في الحرب العالمية الأولى) لجعله ملكاً على أرض الرافدين، تعميقاً لخلل سياسي يمهّد لفتنة طائفية مدمرة، ستظل منوّمة أو مغيّبة حتى الاحتلال الأميركي للعراق وإسقاط صدام حسين بطغيانه٬ فيتم تسليمه إلى «الشيعة» لكي يعدموه بطريقة بشعة بينما هو يهتف بحياة الأمة العربية. وهكذا يظهر الطاغية عربياً وحدوياً، وتظهر أكثرية الشعب طائفية حاقدة معادية للعرب ووحدتهم وليس للطاغية الذي لم يميّز في طغيانه بين الطوائف والأعراق العناصر.
كان التمهيد مع الحرب العالمية الأولى 1914ـ 1918. فتمّ تقسيم عرب المشرق في دول شتى مع ترك فلسطين معلقة بوعد بلفور لليهود (1917). أما التنفيذ فقد تمّ مع نهاية الحرب العالمية الثانية٬ عبر حرب خاضها العالم كله مع اليهود، بذريعة المذبحة النازية، ضد العرب لإنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين.
صار تعبير «الشرق الأوسط» هو هوية جامعة لهذه المنطقة الجغرافية بعد نزع هويتها الطبيعية، تاريخياً، عنها: أي إن إلغاء الهوية العربية كان شرطاً لإقامة دولة تضم مجاميع من شعوب أخرى، بعضها لم تصلها الحرب العالمية الثانية، ولم يضطهد اليهود فيها (غرب أوروبا ومعها بريطانيا التي لعبت دور المسلح، ثم الولايات المتحدة الأميركية التي لعبت دور الراعي والمموّل عن طريق الحركة الصهيونية).
ظهر «الشرق الأوسط» وقد نزعت عنه هوية أهله، فصار مشاعاً يستطيع الأقوى أن يقرّر له مصيره. وكان الغرب والشرق يختلفان على حدود نفوذ كل منهما في العالم أجمع ولا يتفقان إلا على المشروع الصهيوني، أي إقامة الكيان الإسرائيلي فوق أرض فلسطين التي كانت (بشعبها العربي من المسلمين والمسيحيين واليهود) مشروع دولة تحت الانتداب البريطاني.
هكذا صار للعرب من أهل هذه الأرض، بمسلميهم ومسيحييهم والمنتمين إلى الآزادية والصائبة وأديان أخرى سابقة على اليهودية والمسيحية والإسلام، وبالاشتراك مع اليهود الوافدين إلى الأرض المقدّسة في فلسطين، بالسلاح والدعم الدولي المفتوح، هوية جغرافية مبتدعة هي «الشرق الأوسط».
كان لا بد من طمس الهوية الأصلية والحقيقية للأرض وأهلها، حتى يمكن زراعة هذا الجسم الغريب الوافد إليها بقوة السلاح، والتأييد الدولي العارم الذي أنشأ دولة إسرائيل بقرار فريد من نوعه في مجلس الأمن الدولي... الذي لم يكن فيه أي ممثل للدول العربية التي كانت قائمة آنذاك.
وها هي «الدول» تتواصل وترتب اللقاءات مع «الأطراف المعنية» للبحث في مستقبل هذه الدول العربية أو تلك، وهل تبقى موحّدة٬ بنظامها السياسي القائم، أم يُفرض عليها التقسيم بذريعة الخلاص من نظامها الذي يسهل الآن اتهامه بمختلف الأوصاف: الطائفي، المذهبي، السفّاح، الأقلوي، الدكتاتوري الخ..
مرة أخرى يُفرَض على العرب أن يُكتب لهم، وبدمائهم، تاريخ غير تاريخهم الأصلي، ومن خارج إرادتهم، يلغي تاريخهم ويهدّد وجودهم ذاته.
إلا إذا حضر «العرب».. بعد غياب عن الذات قبل أن يكون غياباً عن الدنيا جميعاً!
كأن هذا «الشرق الأوسط» بلا أهل لهم هويتهم المؤكدة عبر التاريخ، أرض مشاع يعطيه وجوده في هذه المنطقة الجغرافية، إلى الشرق من المتوسط تسميته المستولدة من البحر وموقعهم منه.
شُطب التاريخ بالجغرافيا، وصارت الشعوب في شرقي المتوسط أقواماً، أو جماعات، أو قبائل لا اسم لها ولا هوية جامعة، لم يكن لها عبر الزمان ما يميّزها عن غيرها ويؤكد ارتباطها بأرضها التي قسمها الأجنبي دولاً شتى، وليس لها مستقبل مشترك إن لم يكن واحداً موحداً كما تفرض حقائق التاريخ والجغرافيا.
لم يسأل أحد لماذا ليس للمتوسط غرب، مثلاً، وجنوب، وشمال! ولماذا تخصيص العرب بهذا الامتياز «الجغرافي» العظيم!
الطريف أن «قادة العرب» والعديد من مفكريه ومثقفيه، فضلاً عن سياسييه، اندفعوا يستخدمون التسمية ـ المبتدعة التي تستهدف هويتهم الجامعة وكأنها اسمهم منذ أن رمتهم المصادفة التاريخية في هذا الموقع الجغرافي. كما أنهم تجاهلوا إسقاط حقيقة أن هذه الجهة من المتوسط هي ـ بالمصادفة ـ بلادهم التي كانت بلادهم منذ مئات السنين.
لم تبدّل من هويتها الحروب الصليبية ولا الاستعمار التركي بالشعار الإسلامي، ولا حقبة الاحتلال الغربي في القرن العشرين.
من المغرب إلى سوريا، كانت لهذه البلاد هويتها الجامعة٬ وكانت فلسطين في موقع القلب. ثم إن العراق والجزيرة العربية وخليجها، ضمناً، وصولاً الى اليمن، كانت «عربية» بقوة الانتماء إلى الأرض، فضلاً عن كونها ذات تاريخ واحد، وإن استدخلت فيه حقبات استعمارية احتلت بعض الأرض، لكنها لم تستطع تغيير الهوية العربية الجامعة لأهلها ولا رابطة الدين الحنيف الذي تنتمي إليه أكثريتها الساحقة، والتي عاشت على مرّ السنين مع «أقليات» دينية أبرزها المسيحيون واليهود وصولاً إلى الازيديين والصابئة وبقايا أديان سابقة على الأديان السماوية الثلاثة.
طبعاً، لم يكن تغيير التسمية من «البلاد العربية» إلى «الشرق الأوسط» مصادفة أو خطأ ناجماً عن الجهل بالجغرافيا أو التاريخ، بل كان شرطاً لإظهار هذه البلاد وكأنها مجرد مساحة جغرافية تكون لمن يأخذها بالسيف. فكيف إذا كان خلف السيف قرار دولي يعتمده مجلس الأمن الدولي فيستولد ـ لأول مرة في التاريخ ـ والأرجح لآخر مرة ـ دولة باسم إسرائيل التي سوف يكون لها وحدها هوية محدّدة في هذه المنطقة المجهَّلة أسماء شعوبها ذات الهوية الواحدة!
تصير المعادلة واضحة: إسرائيل هي الدولة المجسّدة للإرادة الدولية، في حين أن الأقوام الأخرى (أي العرب) جاءت بهم الصدف التاريخية إلى هذه الأرض التي قامت عليها الدولة الأسطورة: مملكة لقبيلة يهودية في أورشليم، في زمن كانت فيه كل مدينة أو كل جهة من بلاد يمكن أن تصير «مملكة» بسيف شيخها أو أميرها.
المهم أن تسمية منطقتنا «المشرق العربي» التي هي بعض الوطن العربي الكبير، قد أسقطت عنها هويتها، فعلياً، عند الغرب، بعد إقامة الكيان الإسرائيلي بالقوة على أرض فلسطين ليصير اسمها الرسمي «الشرق الأوسط»... ثم تكرس اعتماد هذا الاسم دولياً بعد هزيمة الخامس من حزيران 1967.
هكذا اختفى اسم «فلسطين» من التداول، واختفت معه علاقة العرب بأرضهم، ببلادهم. حلت أسماء الدول التي تقاسمها مستعمرو ما بعد الحرب العالمية الأولـــى (وأساساً البريطانيون والفرنسيون) محلّ التسمية الجامعة. استنبت كيان في بعض الأرض السورية، فأعطته الجغرافيا اسمه (إمارة شرقي الأردن)، وتم تعديل الكيان اللبناني الذي كان منذ فتنة 1860 «متصرفية» لها شبه استقلال ذاتي داخل السلطنة العثمانية وبمتصرف مسيحي من رعايا السلطان، وربما لهذا السبب تناوب على هذا الموقع مجموعة من «المتصرفين» الأرمن.
أما كيانا سوريا والعراق فقد رسما بما يتناسب مع الاكتشافات النفطية والمطامع التركية. وهكذا رسمت على الأرض السورية تحت الانتداب الفرنسي أربع دول، مع تعليق مصير منطقتي كيليكيا واسكندرون لتقدَّما مع تفجر الحرب العالمية الثانية هدية مجانية لتركيا كي لا تنضمّ إلى «المحور» بقيادة ألمانيا النازية.
أما العراق فقد تمّ اللعب بموضوع السلطة، ثم كان الحل باستيراد الأمير فيصل بن الشريف حسين (الذي كان نصّب نفسه ملكاً على العرب، بتشجيع بريطاني، ثم خُلع مع تأكد انتصار الحلفاء على المحور في الحرب العالمية الأولى) لجعله ملكاً على أرض الرافدين، تعميقاً لخلل سياسي يمهّد لفتنة طائفية مدمرة، ستظل منوّمة أو مغيّبة حتى الاحتلال الأميركي للعراق وإسقاط صدام حسين بطغيانه٬ فيتم تسليمه إلى «الشيعة» لكي يعدموه بطريقة بشعة بينما هو يهتف بحياة الأمة العربية. وهكذا يظهر الطاغية عربياً وحدوياً، وتظهر أكثرية الشعب طائفية حاقدة معادية للعرب ووحدتهم وليس للطاغية الذي لم يميّز في طغيانه بين الطوائف والأعراق العناصر.
كان التمهيد مع الحرب العالمية الأولى 1914ـ 1918. فتمّ تقسيم عرب المشرق في دول شتى مع ترك فلسطين معلقة بوعد بلفور لليهود (1917). أما التنفيذ فقد تمّ مع نهاية الحرب العالمية الثانية٬ عبر حرب خاضها العالم كله مع اليهود، بذريعة المذبحة النازية، ضد العرب لإنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين.
صار تعبير «الشرق الأوسط» هو هوية جامعة لهذه المنطقة الجغرافية بعد نزع هويتها الطبيعية، تاريخياً، عنها: أي إن إلغاء الهوية العربية كان شرطاً لإقامة دولة تضم مجاميع من شعوب أخرى، بعضها لم تصلها الحرب العالمية الثانية، ولم يضطهد اليهود فيها (غرب أوروبا ومعها بريطانيا التي لعبت دور المسلح، ثم الولايات المتحدة الأميركية التي لعبت دور الراعي والمموّل عن طريق الحركة الصهيونية).
ظهر «الشرق الأوسط» وقد نزعت عنه هوية أهله، فصار مشاعاً يستطيع الأقوى أن يقرّر له مصيره. وكان الغرب والشرق يختلفان على حدود نفوذ كل منهما في العالم أجمع ولا يتفقان إلا على المشروع الصهيوني، أي إقامة الكيان الإسرائيلي فوق أرض فلسطين التي كانت (بشعبها العربي من المسلمين والمسيحيين واليهود) مشروع دولة تحت الانتداب البريطاني.
هكذا صار للعرب من أهل هذه الأرض، بمسلميهم ومسيحييهم والمنتمين إلى الآزادية والصائبة وأديان أخرى سابقة على اليهودية والمسيحية والإسلام، وبالاشتراك مع اليهود الوافدين إلى الأرض المقدّسة في فلسطين، بالسلاح والدعم الدولي المفتوح، هوية جغرافية مبتدعة هي «الشرق الأوسط».
كان لا بد من طمس الهوية الأصلية والحقيقية للأرض وأهلها، حتى يمكن زراعة هذا الجسم الغريب الوافد إليها بقوة السلاح، والتأييد الدولي العارم الذي أنشأ دولة إسرائيل بقرار فريد من نوعه في مجلس الأمن الدولي... الذي لم يكن فيه أي ممثل للدول العربية التي كانت قائمة آنذاك.
وها هي «الدول» تتواصل وترتب اللقاءات مع «الأطراف المعنية» للبحث في مستقبل هذه الدول العربية أو تلك، وهل تبقى موحّدة٬ بنظامها السياسي القائم، أم يُفرض عليها التقسيم بذريعة الخلاص من نظامها الذي يسهل الآن اتهامه بمختلف الأوصاف: الطائفي، المذهبي، السفّاح، الأقلوي، الدكتاتوري الخ..
مرة أخرى يُفرَض على العرب أن يُكتب لهم، وبدمائهم، تاريخ غير تاريخهم الأصلي، ومن خارج إرادتهم، يلغي تاريخهم ويهدّد وجودهم ذاته.
إلا إذا حضر «العرب».. بعد غياب عن الذات قبل أن يكون غياباً عن الدنيا جميعاً!
طلال سلمان/جريدة السفير
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال