أدناه نص الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء عن مشروع الموازنة العامة الذي صادق عليه مجلس الوزراء بتاريخ 13 من الشهر الجاري ، و بعث به للبرلمان العراقي بغية القراءة و المصادقة عليه كقانون :
نص الخبر:
"حكومة العراق تصادق على موازنة 2023
بعجز 48.5 مليار دولار، فيما ستبلغ كميات صادرات النفط الخام في الموازنة نحو 3.5 ملايين برميل يومياً..
13.03.2023 - محدث : 14.03.2023
وافق مجلس الوزراء العراقي، الإثنين، على مشروع قانون الموازنة العامة للبلاد لعام 2023، بعجز مقداره 48.5 مليار دولار، وأحاله إلى البرلمان للاطلاع وإبداء الرأي قبل المصادقة عليه، وتحويله إلى الرئيس.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس في بيان، أن "مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023 و2024 و2025".
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، إن العجز في الموازنة بلغ 63 تريليون دينار (48.5 مليار دولار) مسيطر عليه.
وأضاف العوادي، بحسب وكالة الأنباء الرسمية: "سيغطى العجز من مجموعة مصادر، منها المبلغ المدور في وزارة المالية، من حصة حوالات الخزينة في البنك المركزي، وسندات وقروض داخلية ومصادر أخرى".
وأضاف أن "العجز مسيطر عليه ومغطى بالكامل"، مشيراً إلى أن "سعر برميل النفط الخام المصدر اعتمد في الموازنة 70 دولارا".
وينتظر أن يعلن البرلمان ملاحظاته على ما ورد في مشروع الموازنة، قبيل إقرارها، ورفعها إلى الرئيس للمصادقة عليها، وتحويلها إلى قانون نافذ.
وستبلغ كميات صادرات النفط الخام في موازنة 2023، نحو 3.5 ملايين برميل يومياً منها 400 ألف برميل يوميا عن طريق إقلیم كردستان.
وبين المسؤول العراقي، أن "الإيرادات النفطية تبلغ 117.252 ترليون دينار (90.9 مليار دولار)، فيما تبلغ الإيرادات غير النفطية 17.301 تريلیون دینار (13.3 مليار دولار").
وذكر أن "إجمالي النفقات المقترحة 197.828 تريلیون دينار (152.2 مليار دولار أمريكي)، والمشاريع الاستثمارية 47.555 تريليون دينار (36.6 مليار دولار").
ونقلت الوكالة عن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الإثنين، أن مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة الذي تم التصويت عليه سيجري تكرارها لثلاث سنوات.
وأضاف السوداني، أن "بإمكان وزارتي المالية والتخطيط إجراء التعديلات وبموافقة مجلس النواب في حال وجود تغييرات بالأرقام أو أسعار النفط أو الكميات".
انتهى نص الخبر .
التعليقات:
1 : لا يجوز ، لا لمجلس الوزراء العراقي و لا لبرلمانه ، المصادقة على الموازنة العامة لمدة زمنية تتجاوز مدار العام الواحد والبالغ (12) شهراً، و يمكن أن يقل أمدها عن ذلك ؛ للأسباب التالية:
2 : أن مفهوم الموازنة هو بطبيعته سنوي أو أدنى ، و ليس لسنتين أو ثلاث سنوات أو خمسة أو عشرة أو عشرين من السنين. و التخطيط لما يزيد على فترة السنة الواحدة يسمى خطة و ليست موازنة . لذا دائما ما تعرف الموازنات بإسم: الموازنة السنوية .
3 : أن موضوع الموازنة في جوهره بنصب على تخصيص موارد الدولة وتوزيعها بين مختلف الحاجات و الأغراض العامة ونطاقها هو القطاع الحكومي في مجالات الإنتاج والتوزيع ؛ وحسابات النتيجة لكل واحد منها (أي الانتاج و التوزيع) هي سنوية ، أو أقل ؛ و لا تتجاوز السنة مطلقاَ .
4 : أن الموازنة العامة تخمينية المنحى ، أي أنها لا تعتمد أرقاماً متحققة، بل على تخمينات غير دقيقة بالمرة ، خصوصاً وأنها تعتمد بالأساس على واردات تصدير النفط الخام، و أسعار النفط عرضة للتقلبات الشديدة بين عشية وضحاها في الأسواق العالمية . لذا ، فإن التصديق على موازنة لثلاث سنوات متتالية هو ضرب من التخبط غير المعهود في أي دولة في العالم .
5: أن هذا القانون المقترح يتناقض روحاً و نصاً مع أحكام الدستور العراقي الذي ينص على :
"المادة (٦٢): اولاً : يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لاقراره . ثانياً : لمجلس النواب اجراء المناقلة بين ابواب وفصول الموازنة العامة، وتخفيض مجمل مبالغها، وله عند الضرورة ان يقترح على مجلس الوزراء زيادة اجمالي مبالغ النفقات ."
المادة أعلاه تقرن قيام تقديم مجلس الوزراء لمشروع قانون الموازنة العامة بتقديمه مع الحساب الختامي؛ أي أن على مجلس الوزراء بيان النفقات والإيرادات التي أنفقت خلال السنة الزمنية المنتهية واقتراح الموازنة العامة التي هي للسنة المالية المقبلة حصراَ . هذا النص واضح وضوح الشمس : قانون الموازنة العامة يتم تقديمه مع الحساب الختامي ؛ و الحساب الختامي هو في كل العالم سنوي ، مثلما هي الموازنة العامة . أي أن على مجلس الوزراء في هذا العام والعام القادم وما يليه أن يقدم للبرلمان الحساب الختامي لعام 2022 لكي يستطيع البرلمان المصادقة على الموازنة العامة لعام 2023، و تقديم الحساب الختامي لعم 2023 لكي يستطيع البرلمان المصادقة على الموازنة العامة لعام 2024، وتقديم الحساب الختامي لعم 2024 لكي يتسنى للبرلمان المصادقة على الموازنة العامة لعام 2025.
الأمر الخطير الذي يجري الآن هو أن مجلس الوزراء يطلب من البرلمان العراقي المصادقة على الموازنة العامة ليس فقط دون تقديم الحساب الختامي لعام 2022 ، بل وكذلك للأعوام الثلاثة القادمة التي رسم لها هذا المجلس موازنة عامة واحدة خلافاً لأحكام الدستور. فكيف يتسنى للبرلمان اليوم المصادقة على الموازنة العامة لعام 2023 ، و هو لا يعرف الحساب الختامي للعام السابق؟ كيف يصادق على موازنات عامي 2024 و 2025، و حساباتها الختامية لم تتحقق بعد ؟
يبدو أن المتصدّين لإعداد الموازنة العامة في مجلس الوزراء المحترم لا يعون الرابط اللازب القائم بين الموازنة العامة و الحساب الختامي الذي يشترطه الدستور العراقي الابيض و الاسود ! فمن البديهي أنه لا يمكن اعداد العامة لأي سنة مالية دون الأخذ بعين الاعتبار مبلغ العجز (أو الفائض) المتحقق في الحساب الختامي للعام الماضي، بغية تدويره في حسابات الموازنة العامة للعام الحالي . هذه من بديهيات الادارة المالية . ولكن لا! مجلس الوزراء يطلب من البرلمان المصادقة على موازنة سنوية عامة لا نعرف ما هو رصيد العجز المتحقق في الحساب الختامي للسنة السابقة عليها والواجب التدوير إليها بغية تخصيص الغطاء اللازم له ! ليس هذا فحسب، بل أن المطلوب الآن من البرلمان العراقي المصادقة على الموازنة العامة لعامي 2024 و 2025 ، لسنتين لا نعرف كم سيصرف قبلها ، و يستحيل التحقق من كم سيصرف فيها وبعدها، دون أدنى مراعاة لأبسط لقواعد الرقابة المالية .
ثانياً :
أن مقترح مشروع قانون الموازنة العامة قد وضع سعراً افتراضيا قدره 70 دولاراً لبرميل النفط الواحد ، فيما يبلغ سعر خام (ثقيل البصرة) اليوم (68) دولاراً فقط، و هو آيل للهبوط أكثر! هذه الأرقام توضح أن معدي مشروع الموازنة العامة يضعون سعراً افتراضيا لبرميل النفط الواحد هو أعلى من السعر الي يبيع به العراق نفطه اليوم ! هؤلاء الأساتذة لا يعترفون فقط بمبدأ التحوط (بنسبة لا تقل عن 10%) ، بل و انهم يضعون سعرا افتراضيا تضاربياً مثلما يفعل المضاربون في أسواق البورصة ؛ بل و حتى أخطر، في ضوء كون عمليات المضاربة الاعتباطية هذه تتم و تسدد حساباتها لحظويا ، في حين أننا ازاء مضاربة من نوع جديد لن نعرف نتائجها إلا بعد ثلاثة سنوات و يزيد !
السؤال هو : هل أن المنحنى العام لسعر النفط الخام في الوقت الحالي و المنظور يتجه نحو الهبوط أم الصعود ؟ الجواب هو الهبوط المتواصل، من أكثر من 120 دولار للبرميل الواحد في تموز عام 2022 ، الى أقل من 80 دولار اليوم ، ومن المتوقع أن تواصل هذا الهبوط في ضوء فرض سياسة تسقيف سعر النفط الروسي ، حيث أظهر أحدث تقرير شهري عن سوق النفط صادر عن وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن عائدات صادرات النفط الروسية المقدرة في شباط انخفضت بمقدار 2.7 مليار دولار إلى 11.6 مليار دولار من كانون الثاني هذا العام ، مما يشير إلى أن العقوبات وسقوف الأسعار قد بدأت في السريان. وهذا يعني أن روسيا وايران ، بل وكل الدول المنتجة للنفط ، تتطلع لزيادة مبيعاتها منه ، و هو ما ينبؤ بتواصل انخفاض أسعاره.
و وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الضغوط الغربية القوية جدا و المتواصلة ليل نهار لخفض أسعار النفط الخام بكل الطرق المشروعة و غير المشروعة، فأن التخمين المعقول لسعر برميل النفط العراقي في الموازنة العامة لا يجوز قطعا – اذا توخينا العقلانية والواقعية – أن يتجاوز الخمسين دولاراً ، او حتى 45 دولاراً فحسب (وهو السعر الذي اعتمدته الجزائر في العام الماضي، رفعته الى 60 دولاراً للعام الحالي) ، في ضوء تضخم مبلغ العجز بالموازنة الى 63 تريليوناً و275 مليار دينار.وهو رقم فلكي يضرب عرض الحائط بمبدأ الاقتصاد في النفقات، و من شأنه زيادة آفة التضخم المتفاقمة حالياً في العراق و العالم أجمع على نحو خطير.
ثالثاً :
1. أن مبلغ العجز أعلاه كبير جداً و يعكس مدى تضخم هذا الانفاق، و ينبغي تقليله الى بحيث لا يزيد أبداً عن نسبة 20% من اجمالي مبلغ الموازنة ، و هي النسبة المعقولة المخاطر التي يمكن ضبط تداعياتها التضخمية .
2. و لتخفيض ميلغ العجز، ينبغي خصم نسبة 20% من اجمالي أرقام المنهاج التشغيلي للحكومة عبر اتخاذ الاجراءات اللازمة بخفض رواتب الطبقة العلي من موظفي الدولة (بضمنهم أعضاء البرلمان) بحيث لا تزيد مطلقا على ثلاثة ملايين دينار ، و الغاء نسبة 80% من درجات موظفي الدولة ممن هم بدرجة وزير ووكيل وزارة و مدير عام .
الخاتمة
وفي ضوء صدور قرار المحكمة الاتحادية الرقم25/ اتحادية /2012 الذي ينص على ممارسة البرلمان رقابته على مشروع الموازنة المقدم من الحكومة دون الحق في إجراء أي تعديلات جوهرية عليه، أقترح اعادة مشروع الموازنة العامة المتخبط اعلاه لمجلس الوزراء لتعديله، و اعادته للبرلمان.
اللهم، هل بلّغت ؟ اللهم ، فاشهد .
حسين علوان حسين
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال