Application World Opinions
Application World Opinions
Application World Opinions

المتدين بفطرته وتغيرات السعودية

 قرأت تصريحا منذ أيام قليلة ، أنه سيتم افتتاح 57 مسجدا جديدا فى 9 محافظات . ومنذ شهور قليلة ، قرأت أيضا تصريحا مماثلا ، عن بناء وافتتاح عدد من المساجد ، فى القاهرة ومحافظات أخرى .

شئ فى منتهى الغرابة ، والاستفزاز .

تقريبا ، بين كل فترة وجيزة وأخرى ، أقرأ عن بناء وافتتاح مساجد للصلاة . وتساءلت هل هذا ما فهمته المؤسسسات الدينية الرسمية ، عما نقصده من تجديد الخطاب الدينى ؟؟.

منذ عام 2014 ، والمؤسسات الدينية متعثرة فى التعامل مع مقولة

" تجديد الخطاب الدينى " ، قصور فى الفهم ، وفشل فى التطبيق ، ولف ودوران وتناقض فى التصريحات ، وكأنها معضلة معقدة ، تستعصى على الحل .

الحل فى منتهى السهولة ، والبساطة ، ولن نخترع الأشياء فى الألفية الثالثة . المعضلة الحقيقية الواقفة فى الطريق ، هى أن المؤسسات الدينية فى الدولة ، لا تريد تغيير وتجديد وعصرنة علاقة الشعب المصرى بالاسلام المتوارث منذ 1400 ، سنة من صحراء الجزيرة العربية .

يريدون لنا الاستمرار محبوسين ، ومحبوسات ، بجنازير الحديد ، فى زنزانة

القهر وكراهية الحرية ، وطاعة الأوصياء على عقولنا ، وعلى أجسادنا ، وعلى كل تفاصيل حياتنا منذ أن نصحو حت ننام ، منذ الميلاد وحتى القبر .

منْ تريد الحرية ، ورفض الوصاية ، فهى كافرة ، غير طبيعية ، محرضة على الفسق والفجور ، تزدرى الدين والرسل ، ومنْ يشتهى الحرية ويرغب فى الانعتاق من المعتقلات الدينية ، فهو منحل ، يتطاول على المقدسات ، يهين الذات الالهية العليا ، خطر على الأسرة المسلمة الفاضلة ، وعلى المجتمع المتدين بفطرته .

يعنى ايه " الشعب المصرى متدين بفطرته " ؟؟. سوف أساير هذا المعنى الذى لا أوافق عليه ، وأسأل لو كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، فلماذا اذن

نشأ الاسلام ، بقرآنه ورسوله وخلافته وأحاديثه ، ونواهيه ، وأوامره ، وناره ، وجنته ، ثم جاء الى مصر بعتاده ومفاهيمه وجيوشه لكى يحولها من دار الأقباط ، الى دار المسلمين ؟؟.

اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، فلماذا لا يترك لفطرته المتدينة لكى

تقوده فى الحياة ؟؟. اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، فلماذا هناك الأزهر ، والأوقاف ، ومجمع البحوث الاسلامية ، ودار الافتاء ، والجمعيات الشرعية ، والمشايخ ، الذين يأخذون من ميزانية الدولة المليارات من الجنيهات ؟؟؟. ماذا يفعلون ، اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ؟؟. ولماذا حزب النور الذى أخذ رخصة سياسية للعمل الحزبى ، على أساس أنه " حزب مدنى بمرجعية دينية " ، يقول أنه يشتغل على الدعوة الاسلامية ؟؟ . لماذا الدعوة الاسلامية ، اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ؟؟. ولماذا يزيد عدد المصريات والمصريين اللادينيين ، والذين تركوا الاسلام ، أو تركوا كل الأديان ، اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ؟؟.

واذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، لماذا جرائم القتل والذبح ، والرمى بالرصاص ، والتشويه بماء النار ، والتمثيل بالجثث ، والقائها فى الترع ومقالب القمامة مقطعة الرأس والأطرف والأعناق ، بسبب مفاهيم مجرمة همجية

اسمها " شرف الذكور " ، " الأخذ بالثأر " ، " خيانة الزوجة " ، " سمعة العائلة " ، " عرض الزوج " ، " اختفاء عذرية الفتاة " ، " عدم طاعة المرأة أو الزوجة للأب أو الزوج أو الأخ أو الابن أو العم أو الخال ؟؟. وما هى العلاقة بين التدين بالفطرة والرغبة فى تغطية النساء ، واعتبارهن فضيحة وعارا وعورة وخبثا فاسدا بالسليقة ، شيطانيا نجسا ، يمشى فوق الأرض ؟؟.

اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، لماذا يعد التحرش الجنسى بالألفاظ والأفعال ، فى مصر ، من أعلى النسب على مستوى العالم ؟؟.

اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، فلماذا العلاقات السرية ، تحت بئر السلم ، والخيانات الزوجية ، والازدواجيات غير الأخلاقية ، التى تقنن الانفلات الشهوانى للذكور ، وتبرر أمراضهم الذكورية القاهرة للنساء ، وتغفر كل انحرافاتهم الجنسية والأخلاقية ، قبل الزواج وبعد الزواج ؟؟.

اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، فلماذا " بيزنس " التجارة بالدين ،

من الفقهاء والمشايخ وأهل الفتاوى ؟؟. ولماذا ينخر الفساد والرشوة والواسطة ،

والمحسوبية ، والكذب ، وسوء استغلال السلطة والنفوذ ، فى جسد المجتمع ،

لماذا أخطاء طبية تؤدى الى الوفاة أو الى عاهات مستديمة ؟؟ .

اذا كان الشعب المصرى متدين بفطرته ، لماذا يرضى بالفوارق الطبقية البشعة التى تجعل ناس يعيشون كالملوك والأمراء ، وناس تعيش بجانب مكبات النفايات ؟.

ان حل المشكلات يبدأ دائما بالتشخيص السليم ، والا جاء العلاج بلا فائدة ، وبلا معنى ، وفى أغلب الأحيان تسوء المشكلة أكثر ، ونكون قد تكلفنا المال ، وبذلنا الجهد ، وضيعنا الوقت ، عبثا ، وهدرا .

اذن تؤكد التصريحات التى نقرأها بلا توقف ، عن ترميم وبناء وافتتاح ، المساجد والجوامع ، أن المؤسسات الدينية الرسمية فى البلد ، قد شًخصت مشكلة المسلمات والمسلمين ، هى " نقص فى عدد المساجد والجوامع " ،وأن تجديد الخطاب الدينى ، لا يعدو أن يكون الا تجديدا للمساجد والجوامع ، وأن نقص التدين الحقيقى ، هو نقص فى الصلاة ، وأن زيادة عدد المساجد ، هو الذى يجعل شعوب العالم الأخرى تطمئن ، وتبعد خوفها المتأصل من الارهاب الاسلامى على أرضها .

ان حال المسلمات والمسلمين ، فى مصر ، يؤكد بألف مليون دليل ،وظاهرة ، أن مشكلاتهم لا علاقة لها ، بعدد دور العبادة . وتأمل حال الشابات والشباب المسلم ، الذى يكتئب ، أو ينتحر ، أو يعتكف ، أو يطفش ويهاجر الى بلاد " غير اسلامية " ، ليس سببه أنهم حينما يريدون الصلاة ، لا يجدون مساجد تكفيهم . وعندما تصفعنا الاحصاءات والأرقام ، أن البلاد الاسلامية ، فى ذيل دول العالم ، من كل النواحى ، فى نوعية الحياة ، وصحيةالبيئة ، ومستوى الجامعات ، والمستشفيات ، والمدارس ، والخدمات العامة ،ومكانة النساء ، وسعادة الطفولة ، والبحوث العلمية ، وحريات التعبير والنقد ، وعمق الاعلام ، وحرية الدين والعقيدة ، ورقى الابداع ، وعدالة قوانين الأحوال الشخصية ، وانحسار الارهاب ، وغيرها من ضرورات التقدم الانسانى ، ومؤشرات التحضر الفكرى ، والتمدن ، حتى فى حدودها الدنيا .

عندما تنبغ امرأة مصرية مسلمة فى الخارج ، بعد أن تركت عالمها المسلم ، وتتفوق حتى على نساء البلد المهاجر اليه ، فى أى مجال ، أيكون هذا بسبب أنها لم تجد فى وطنها ، أماكن كافية لصلاة النساء ؟؟. وعندما يشيد العالم كله بانجازات رجل مصرى ، فى الطب أو العلم ، ترك مصر ، واستوطن بلدايصفونه باحدى بلاد الغرب " الكافر " ، أيكون بسبب غضبه ، لأنه كلما حان وقت الصلاة ، لا يجد له مكانا ؟؟.


نسيت أن أوضح شيئا ، مرتبطا بهذا الموضوع ، أننى كنت أكتب هذا المقال وقت صلاة العصر ، والمسجد المجاور لبيتى ، ماسك الميكرفون بصوته المرتفع جدا ، لمدة نصف ساعة . ويوميا يحدث هذا مع كل آذان . ماذا نصف هذه السلوكيات ؟؟. حتى منع الميكرفونات فى المساجد والجوامع ، فشلنا فيه !!!.

الملفت للنظر ، أن السعودية التى صدرت لنا الوهابية المتشددة المتزمتالصحرواية فجة الذكورية والسلفية لمدة نصف قرن من الزمان ، قد تعهدت السعودية بقيادة ولى العهد الجديد محمد بن سلمان بتحقيق رؤية 2030 ، تطوير وتقدم وتغيير فى المملكة من جميع النواحى ، تحت شعار " أمة طموحة .. مجتمع طموح ".

وفعلا ، توالت التغيرات التى تنقل السعودية من أزمنة الوهابية السلفية المتشددة فى تزمتها وذكوريتها وتشبثها بفقه اسلامى لا يستجيب لتغيرات العصر والألفية الثالثة ، بعد أن قامت بتصدير هذا الفكر الى مصر ، ومولت أوجه الحياة المصرية لكى تروج وتفرض الثقافة الوهابية السلفية ذات الذكورية الفجة ، وقامت بتدعيم الاخوان المسلمين وجنود الدولة الدينية ، لكى تتحول مصر وهذا ما حدث بكل اسف ، على مدى النصف قرن الماضى ، الى اسلام صحراوى جامد يضطهد النساء والفن والموسيقى والغناء .

محمد بن سلمان ، أخذ على عاتقه وتعهد أمام العالم ، الى نقل السعودية الى مسار النهضة والتقدم ومجاراة العصر وتعويض الوقت .

لفظ الوهابية ، ومنع تدريس كتب الفقهاء والآئمة والمشايخ المحاطين بقدسية فى مصر ، وأكد على القيم العليا النبيلة ، التى تتوخى العدالة وعدم التمييز ،

وأقام حفلات الغناء والموسيقى الفاخرة ، وأوقف هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عن ملاحقة الناس أوقات الصلاة ، ومطاردة غير المحجبات ، وكم أبهرنا

باقمة أول مهرجان سينمائى دولى فى السعودية ، وهو مهرجان البحر الأحمر

فى جدة 6 - 15 ديسمبر 2021 ،

وأحدث ثورة غير مسبوقة فى تاريخ الفقه الاسلامى ، وهو الأخذ فقط بالحديث المتواتر ، وأى حديث آخر، ( الآحاد والخبر ) آ لابد أن يكون متفقا مع نص قرآنى . وأيضا يكون ملائما لمتغيرات العصر والقانون العادل .

المرأة السعودية الآن فى حال مزدهر وأعتقد أنها ستقود المزيد من النهضة والتقدم فى السعودية ، فى جميع المجالات ، خاصة فى الفن

قال محمد بن سلمان ، الشاب الطموح المتفتح المتقدم المثقف ، أن السعودية لا تتبع أى مدرسة اسلامية ، ولا أحد من السلف أو مدارس التراث " مقدس " ، والاجتهاد المتفتح المستنير متواصل ليقضى على فوضى الفتاوى وعدم عصريتها

وتناقضاتها .

فى الحقيقة وبالطبع يحاربه ناس من الداخل والخارج ،

وفى مصر هناك منْ يعتبره قد أساء الى الأراضى المقدسة ، بما أحدثه من تغيرات واقامة مهرجان دولى للسينما .

كل هذا متوقع وطبيعى ، خاصة فى السعودية . لكن ولى العهد يستند الى قوة شعبية من الشباب رجال ونساء ، الذين يؤمنون بالتقدم ويشتهون الحرية ويعشقون الفن ويحلمون بالعدالة

والازدهار ، والتوقف عن جعل الدين سلعة للتجارة والمزايدات والوصايا وأداة مقننة لترسيخ التأخر والتخلف والانغلاق .

واذا تغيرت السعودية ، فالأمل كبير لضرب التأسلم والتشدد والضحك على الذقون وتكفين النساء وهن أحياء ، حتى فى مصر التى كانت شعلة التغيير الحضارى فى المنطقة ، حيث الشعب المصرى متدين بفطرته .

هذا الشعب المتدين بفطرته ، استسلم فى عقله ووجدانه ومزاجه ، للهوى الاخوانى السلفى المتعصب اللاعقلانى متضخم الذكورية ، والآن هاجم فى قطاعات لا بأس بها ، التغيرات فى السعودية ، ورؤية محمد بن سلمان . يعنى أنه " سعودى أكثر من السعوديين أنفسهم " ، أو " ملكى أكثر من الملك نفسه".

لقد سببت التغيرات الجذرية فى السعودية ، ضربة كبيرة للتأسلم التجارى والانغلاق الحضارى ، وتسببت فى الكثير من الحرج للمؤسسات الدينية فى مصر ، التى لم تكن تدين بالوهابية السعودية السلفية ، وتدعى الاسلام الوسطى ، مع شعب متدين بفطرته ، ولكنها عجزت عن انجاز ربع ما تحققه السعودية الآن.


0 comments :

Enregistrer un commentaire

التعليق على هذا المقال