حذرت منظمة العفو الدولية اليوم من أن إثيوبيا تتأرجح على شفا كارثة حقوقية وإنسانية، وسط تطورات مقلقة مرتبطة بتفاقم نزاع تيغراي.
وفي غضون ذلك، كان هناك ارتفاع مثير للقلق في عدد التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعو إلى العنف العرقي، وقد ناشد المسؤولون الحكوميون المدنيين لحمل السلاح ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وجيش تحرير أورومو، اللذين وحّدا مؤخراً قواتهما ضد الحكومة المركزية.
وقال ديبروز موتشينا، المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لقد امتدت الأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان المزرية، التي بدأت قبل عام في تيغراي، لتصل إلى مناطق أخرى من البلاد. ولوقف خروج الوضع عن السيطرة، يجب على السلطات الإثيوبية أن تتخذ إجراءات جادة على وجه السرعة لضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.
لقد امتدت الأزمة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان المزرية، التي بدأت قبل عام في تيغراي، لتصل إلى مناطق أخرى من البلاد. ولوقف خروج الوضع عن السيطرة، يجب على السلطات الإثيوبية أن تتخذ إجراءات جادة على وجه السرعة لضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
ديبروز موتشينا، المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية
حالة الطوارئ
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمد البرلمان الاتحادي الإثيوبي حالة الطوارئ بعد عام بالضبط من بدء النزاع المسلح مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
إعلان حالة الطوارئ أمر فضفاض للغاية، لأنه يمتد إلى البلد بأكمله، ويقيد حقوق الإنسان التي لا يمكن تقييدها، أو تعليقها، تحت أي ظرف من الظروف، وفقاً للقانون الدولي.
فهي، على سبيل المثال، تسمح للسلطات باعتقال أي شخص دون أمر قضائي، إذا كان هناك “اشتباه معقول” في التعاون مع “الجماعات الإرهابية”، واحتجازه دون مراجعة قضائية، ما دام إعلان حالة الطوارئ قائماً، لمدة ستة أشهر حالياً.
ويمكن أن يكون لهذا تأثير مقلق بشكل خاص على المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين. ويسمح إعلان حالة الطوارئ بتعليق أو إلغاء تراخيص المنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، إذا اشتبه في أنها تقدم دعماً مادياً أو معنوياً مباشراً أو غير مباشر إلى “المنظمات الإرهابية” – وهي مصطلحات غير معرّفة بصورة محددة، ومفتوحة للتفسير الفضفاض.
ففي وقت سابق من هذا العام، وثقت منظمة العفو الدولية الاعتقالات الجماعية والاحتجازات التعسفية لأهالي تيغراي، ومن بينهم صحفيون ونشطاء حقوقيون، الذين زعمت الحكومة أن لهم صلات بالجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي تم تصنيفها على أنها جماعة إرهابية من قبل الحكومة الفيدرالية الإثيوبية. كما يسمح إعلان حالة الطوارئ بحظر أي شكل من أشكال التعبير الذي يعارض “للعمل بعملية الطوارئ والغرض من الإعلان”، ويطرح تحديات أمام استقلال القضاء.
وأضاف ديبروز موتشينا قائلاً: “إن الطبيعة الواسعة للغلاية لحالة الطوارئ هذه هي مخطط لتصعيد انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، ولا سيما للمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والأقليات، ومنتقدي الحكومة. “إنها تعرّض المحتجزين لخطر متزايد بالتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة”.
طُلبَ من المدنيين حمل السلاح
وفي تطور آخر مثير للقلق، ناشد المسؤولون الحكوميون في العديد من المناطق الإثيوبية المدنيين مؤخراً لحمل السلاح لصد هجوم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
ففي العاصمة أديس أبابا، طلب المسؤولون الحكوميون من المدنيين تنظيم أنفسهم لحماية المناطق المحيطة بهم، وتسجيل الأسلحة أو تسليمها إلى الجيران، إذا كان ليس بإمكانهم استخدامها بأنفسهم. وقد تردد صدى دعوات مماثلة لحمل السلاح من قبل الحكومات الإقليمية في مناطق أمهرة وأوروميا وصومالي.
وهذه الدعوة إلى حمل السلاح تعرض حقوق الناس، وحتى أرواحهم، للخطر من خلال تشجيع إنشاء ميليشيات غير مدربة، وغير خاضعة للمساءلة. فقد ارتكبت هذه الجماعات سابقاً جرائم حرب في هذا النزاع، بما في ذلك القتل غير القانوني والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، مستهدفة الناس على أساس انتمائهم العرقي.
تصاعد خطاب الكراهية عبر الإنترنت
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أزالت منصة فيسبوك تعليقاً لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قائلة إنه انتهك سياسات المنصة ضد التحريض على العنف.
ومع ذلك، لاحظت منظمة العفو الدولية ارتفاعاً ملحوظاً في التعليقات الأخيرة التي تحرض على العنف، وتستخدم الإهانات العرقية ضد التيغراي، على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، وبعض هذه التعليقات مر دون محاولات لمنعه. ووفقاً لتحليل إحدى المنظمات المحلية لحقوق الإنسان، كان من بين الذين تبادلوا التعليقات أشخاص مؤثرون مثل الصحفيين والشخصيات السياسية، وكانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي بطيئة في إزالتها.
وقال ديبروز موتشينا: “السلطات الإثيوبية ملزمة بحظر الدعوة إلى الكراهية التي تشكل تحريضاً على العداء أو التمييز المجحف أو العنف. ويجب على السلطات أن تدين، بصورة عاجلة، أي بيانات، عبر الإنترنت أو غير ذلك، تدعو إلى العنف ضد مجموعة عرقية معينة. ونظراً لتصاعد التوتر السياسي والعرقي في إثيوبيا، تتحمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً مسؤولية بذل المزيد من الجهد، بشكل سريع، لتكثيف جهودها في ما يخص الاشراف على المحتوى، والتأكد من أن الخوارزميات التي تقف وراء منصاتها لا تؤجج الدعوة إلى العنف”.
ونظراً لتصاعد التوتر السياسي والعرقي في إثيوبيا، تتحمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً مسؤولية بذل المزيد من الجهد، بشكل سريع، لتكثيف جهودها في ما يخص الاشراف على المحتوى، والتأكد من أن الخوارزميات التي تقف وراء منصاتها لا تؤجج الدعوة إلى العنف
ديبروز موتشينا
المدنيون عرضة للخطر وسط التصعيد
جددت منظمة العفو الدولية دعوتها لجميع أطراف النزاع في إثيوبيا لاحترام القانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين. ويجب على القادة، من جميع الأطراف، نبذ التحريض على العنف ضد الأفراد على أساس عرقهم.
منذ بدء الصراع في تيغراي، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، توثّق منظمة العفو الدولية جرائم حرب ارتكبتها قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، والقوات الإريترية، وقوات الأمهرة، كما توثّق عددًا متزايدًا من مزاعم جرائم الحرب التي ارتكبتها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. وقد تورط جيش تحرير أورومو، مراراً وتكراراً، في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وبصورة أساسية الهجمات التي تستهدف الأقليات العرقية الأمهرة في غرب أوروميا.
وشملت الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف المتحاربة المذابح، وإعدام الأسرى خارج القضاء والعنف الجنسي الذي يستهدف النساء والفتيات. وأدت الحواجز التي تحول دون وصول المنظمات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من النزاع، والهجمات التي تستهدف عمال الإغاثة والمرافق، إلى تفاقم الوضع الإنساني المزري الناجم عن النزاع تفاقماً شديداً.
يجب على القادة الأفارقة، والجهات الفاعلة الدولية الأخرى ذات النفوذ، أن يوضحوا لجميع الأطراف في إثيوبيا أنه يجب عليهم الابتعاد عن حافة الهاوية، وحماية المدنيين، ووضع حد للتحريض، والسماح، دون عوائق، بوصول المساعدات الإنسانية ومراقبتها، واحترام حقوق الإنسان.
ديبروز موتشينا
واختتم ديبروز موتشينا قائلاً: “يجب على القادة الأفارقة، والجهات الفاعلة الدولية الأخرى ذات النفوذ، أن يوضحوا لجميع الأطراف في إثيوبيا أنه يجب عليهم الابتعاد عن حافة الهاوية، وحماية المدنيين، ووضع حد للتحريض، والسماح، دون عوائق، بوصول المساعدات الإنسانية ومراقبتها، واحترام حقوق الإنسان”.
“ويجب أن تدرك جميع الأطراف أن المسؤولين عن جرائم الحرب والانتهاكات الأخرى سيخضعون للمساءلة”.
ميادين الحرية - منظمة العفو الدولية
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال