قدم المرصد الوطني للتنمية البشرية، اليوم الثلاثاء بالرباط، نتائج تقريره حول “التنمية البشرية وواقع حال الشباب بالمغرب”، وذلك خلال ورشة نظمها بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب.
كما يقدم التقرير تشخيصا معمقا لهذه الفئة، محللا تطلعاتها المختلفة ومتطلباتها المتجددة وأوجه مشاركتها المواطنة. كما يتطرق لتحليل أداء السياسات العمومية بمختلف برامجها الموجهة للشباب ومدى تكاملها والتقائيتها وفعاليتها، ويقترح عددا من الاقتراحات الكفيلة بضمان إدماج اقتصادي و اجتماعي للشباب وذلك تماشيا مع توجهات النموذج التنموي.
وأكد المرصد الوطني للتنمية البشرية في تقريره أن الشباب هم بمثابة “قدرات كامنة وجبت تعبئتها أكثر في دينامية التنمية البشرية بالمملكة”، مشيرة إلى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما يمثلون نسبة ديموغرافية مهمة (25.3 في المائة في عام 2019 أي ما يقارب 8.9 مليون شخص تقريبا).
وأوضح أن أهمية هذه النسبة تعتبر “فرصة” ديموغرافية غير مسبوقة، وذات وقع مهم على المستويين الميكرو-اقتصادي والماكرو-اقتصادي بالمملكة، “شريطة أن يوفر اقتصادنا الوظائف اللازمة لهؤلاء الشباب، وهو المسار الذي سلكته الدول الآسيوية بنجاح منذ السبعينيات”.
وحسب التقرير، فإن هؤلاء الشباب يتميزون بمواصفات اجتماعية ومسارات متنوعة جدا، حيث إن 33.6 في المائة منهم يتابعون تكوينهم أو دراستهم فيما يتنمي 25.1 في المائة منهم إلى فئة النشيطين العاملين، مشيرا في المقابل إلى أن نسبة فئة الشباب الذين لا يتابعون دراستهم ولا يزاولون عملا ولا تكوينا تبلغ حوالي 26.3 في المائة من هذه الفئة من الشباب.
وشدد المرصد الوطني للتنمية البشرية على أن هذه الفئة من المجتمع تشكل “رأس مال بشري ثمين يجب تطويره وتنميته، بواسطة التعليم والتكوين والصحة والحماية الاجتماعية”.
وفيما يخص مجال التعليم، يضيف التقرير، فإن متوسط عدد سنوات تمدرس الفئة العمرية (15-29 سنة) يبلغ 9.1 سنة وهو ما يعادل 1.7 مرة المتوسط الوطني، ويفوق متوسط الدول ذات مستوى تنمية بشرية عال (8.3 سنوات. كما أشار التقرير إلى أن حوالي 26 في المائة من الخريجين الشباب يواجهون بطالة طويلة الأمد (سنة 2019).
من جهة أخرى، أشار المرصد الوطني للتنمية البشرية إلى أن حضور الشباب في الفضاء العمومي والسياسي والمدني “يشكل موضع تساؤل”، إذ تشير معطيات المرصد إلى أن أغلب الشباب المغربي يولون “ثقة ضئيلة” للمؤسسات السياسية.
وبخصوص السياسات العمومية للشباب، دعا المرصد إلى إعادة هيكلة تستند على رؤية مستقبلية متكاملة وتهم بالخصوص تشجيع الإنصاف بين الشباب، ومشاركة الشباب في وضع السياسات العمومية، وإضفاء طابع التوزيع الترابي العادل لهذه الأخيرة.
واعتبر المرصد أنه من الواجب اليوم تعزيز هذه المقاربات الثلاث من خلال أجهزة تثمن مواردهم في جميع مجالات العمل التي تهمهم وتھیكل حياتهم، وهي التعليم والتكوين والتوجيه المهني والصحة والحماية الاجتماعية والمواطنة الفعالة.
من جهة أخرى، سجل التقرير الذي ، تباطؤ دينامية التنمية البشرية نتيجة الهدر المدرسي وانخفاض مستويات الدخل والادماج الاجتماعي للشباب، وهو التباطؤ الذي تم رصده بشكل أكبر خلال عام 2020 بفعل تأثير الأزمة الصحية على النمو الاقتصادي ومستوى التشغيل ودخل الأسر المعالة.
كما سجل التقرير أن الهشاشة الاجتماعية تمثل “أكبر تهديد يحدق بالتنمية البشرية”، باعتبارها تطال واحدا من أصل ثلاثة شبان نشيطين عاملين، وتؤثر على التنمية البشرية، مشيرا إلى أن هذه الهشاشة تهم 32.3 في المائة من السكان النشيطين العاملين، وهي ناجمة بنسبة 88.5 عن الهشاشة في الشغل.
يشار إلى أن المنهجية التي اعتمدها التقرير لقياس دينامية التنمية البشرية، تشمل تلك التي أوصى بها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتلك التي طورها المرصد، والتي تعتمد مؤشر التنمية البشرية الوطني. ويأخذ هذا الأخير بعين الاعتبار السياق الوطني ومميزاته من خلال دمج ثلاثة مجالات إضافية، وهي الإطار المعيشي والتماسك الاجتماعي والأمن والاستقرار.
ميادين الحرية - موقع لكم
0 comments :
Enregistrer un commentaire
التعليق على هذا المقال